تحت شعار الابتكار والاستدامة، قدمت أولمبياد باريس 2024 نموذجًا فريدًا في تنظيم الفعاليات الكبرى، مسلطة الضوء على كيفية الجمع بين الروح الرياضية والاهتمام البيئي.
مع اقتراب نهاية دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي بدأت في 26 يوليو واستمرت لمدة 15 يومًا، حيثُ شارك فيها أكثر من 10500 رياضي في 300 حدث رياضي، تبرز باريس كمثال حي للتقدم البيئي في عالم الرياضة.
ثورة في قائمة الطعام: نباتي وصديق للبيئة
كشفت اللجنة المنظمة لأولمبياد باريس عن قائمة طعام استثنائية لرياضييها، حيث ركزت على الوجبات النباتية والصديقة للنباتيين. تم إعداد 40,000 وجبة تعتمد بشكل رئيسي على المكونات الزراعية الصديقة للبيئة، بما في ذلك البقوليات والخضروات والفواكه، إلى جانب المنتجات الفرنسية الطازجة. هذا الالتزام البيئي ينسجم مع استراتيجية باريس 2024 الرامية إلى تقليص البصمة الكربونية لخدمات الطعام بنسبة 50%، ويعكس تحولًا نحو خيارات غذائية أكثر استدامة.
تحول الطاقة: من الديزل إلى الطاقة المتجددة
لم يقتصر الابتكار البيئي على الطعام فحسب، بل امتد إلى مجال الطاقة أيضًا. في سابقة تاريخية للألعاب الأولمبية الممتدة على مدار 128 عامًا، اعتمدت باريس على البنية التحتية للطاقة المتجددة، متخلية عن المولدات التي تستهلك كميات هائلة من الديزل. بدلاً من ذلك، تم توفير الطاقة عبر 6 مزارع رياح ومزرعتين للطاقة الشمسية، بإشراف مرفق"EDF " الحكومي. هذا التحول لا يعزز الاستدامة خلال الألعاب فحسب، بل سيعود بفوائد على الأحداث المستقبلية من خلال تقليل انبعاثات الكربون في القطاع.
إعادة تدوير البنية التحتية
برزت استراتيجية إعادة استخدام وإعادة تدوير البنية التحتية كعلامة فارقة ومبتكرة. بدلاً من الانغماس في بناء منشآت رياضية جديدة بأعداد ضخمة، قرر المنظمون تبني نهج مبتكر يتمثل في تجديد 95% من المرافق الرياضية القائمة، مع تشييد منشآت مؤقتة لبعض الفعاليات الخاصة. هذه الاستراتيجية لم تسهم فقط في تقليص النفايات والتكاليف، بل جعلت من أولمبياد باريس 2024 أحد أكثر الدورات توافقاً مع الميزانية منذ عقدين، حيث قدرت تكلفته الإجمالية بـ8.9 مليار يورو.
في ظل التحديات الكبيرة التي تواجه المدن المضيفة، أثبتت باريس قدرتها على دمج الروح الرياضية بالابتكار البيئي. هذا النموذج المبتكر لا يقتصر أثره على ألعاب هذا العام، بل يمهد الطريق لمستقبل أكثر استدامة في تنظيم الفعاليات الكبرى. مع انتهاء الألعاب، ستترك باريس إرثاً ملحوظاً من التقدم البيئي، واضعة معياراً جديداً في عالم الرياضة والفعاليات الدولية.