بعد تصاعد الانتقادات الموجهة إلى الاتحاد الأوروبي لاتهامه بالعجز عن استخدام نفوذه الاقتصادي للضغط على الحكومة الإسرائيلية، اقترحت المفوضية الأوروبية في خطوة غير مسبوقة تجميد بعض اتفاقيات التجارة الحرة مع إسرائيل وفرض عقوبات على شخصيات بارزة.
كانت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، قد مهدت الأسبوع الماضي لهذه الخطوة بطرح تعليق البنود التجارية في اتفاقية الشراكة الموقعة مع إسرائيل عام 2000، وسط ضغوط متزايدة من الرأي العام الأوروبي والمنظمات الحقوقية.
وتشمل الخطة إعادة فرض الرسوم الجمركية على بعض السلع الإسرائيلية وتعليق امتيازات متبادلة مرتبطة بالمناقصات العامة وحماية الملكية الفكرية. كما أوصت بفرض عقوبات على الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، المعروفين بمواقفهما المؤيدة للمستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية، إضافة إلى عشرة من قادة حركة حماس.
وجرى الكشف عن هذه الإجراءات بينما تواصل القوات الإسرائيلية هجومها في مدينة غزة، في نزاع أودى بحياة ما يقارب 65 ألف فلسطيني منذ السابع من أكتوبر 2023.
وقال مفوض التجارة الأوروبي، ماروش شيفتشوفيتش، إن المقترحات تعني إخضاع السلع الإسرائيلية لنفس الرسوم المفروضة على دول لا ترتبط مع الاتحاد باتفاقية تجارة حرة. وأضاف: "نأسف لاضطرارنا إلى اتخاذ هذه الخطوة، لكنها مناسبة ومتوازنة بالنظر إلى الأزمة الإنسانية المستمرة في غزة".
خلافات داخلية وردود إسرائيلية
رغم الطابع الصارم للمبادرة، فشلت المفوضية سابقًا في تأمين الأغلبية حتى لإجراءات أقل حدة مثل تعليق المنح البحثية للمنظمات الإسرائيلية. وقالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، كايا كالاس، إن الرأي العام الأوروبي يتغير بفعل معاناة غزة، إلا أنّ الانقسامات السياسية بين الدول الأعضاء لا تزال قائمة.
من جانبه، هاجم وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الخطط الأوروبية واصفًا إياها بـ"المشوهة أخلاقيًا وسياسيًا"، محذرًا من أن أي خطوات عقابية ستضر أوروبا نفسها. وقال عبر منصة "إكس": "سنرد على أي خطوات ضدنا ونأمل ألا نضطر لذلك".
تعتمد إجراءات تعليق التجارة التفضيلية أو المنح البحثية على تأمين موافقة 15 دولة من أصل 27 أي ما يُمثل 65% من دول الاتحاد.
وقد أعلن متحدث باسم الحكومة الألمانية أن برلين "لم تتّخذ بعد موقفًا نهائيًا"، فيما تتطلب العقوبات ضد الوزراء الإسرائيليين وقادة حماس إجماعًا كاملًا، وهو ما يثير مخاوف من تعطيل محتمل من جانب المجر التي سبق أن عرقلت عقوبات مشابهة.
ويُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لإسرائيل، حيث يمثل 32% من إجمالي تبادلاتها التجارية العالمية في السلع. وتبلغ قيمة اتفاقية الشراكة بين الجانبين 68 مليار يورو، تشمل التعاون في مجالات البحث والبيئة والطاقة، ولكن إعادة فرض الرسوم الجمركية قد تطال صادرات إسرائيلية بقيمة 5.8 مليار يورو، ما يضيف نحو 227 مليون يورو كرسوم جديدة.