بالتزامن مع التطورات الميدانية وصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء إلى أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في إطار جولة أوروبية شملت إسبانيا واليونان وفرنسا.
شهدت أوكرانيا ليل الثلاثاء – الأربعاء واحدة من أعنف موجات الهجمات الروسية منذ أشهر، إذ أعلن سلاح الجو الأوكراني أن البلاد تعرضت لـ 476 مسيّرة روسية تم إسقاط 442 منها، إضافة إلى 48 صاروخاً صُدّ 41 منها. وتركّز القصف على مناطق غرب أوكرانيا، التي عادة ما تكون بعيدة عن خطوط النار، وتشمل لفيف وإنفانو فرانكيفسك وتيرنوبيل.
وفي تيرنوبيل، بلغت حصيلة الضحايا ما لا يقل عن 25 قتيلاً، بينهم طفلان، و66 مصاباً، وفق أحدث بيانات أجهزة الإنقاذ.
كما أدت الضربات إلى تدمير مبانٍ سكنية ومنشآت صناعية ومستودعات، واندلاع حرائق ضخمة رفعت مستوى التلوث نتيجة تسرب مواد كيميائية.
وحذّرت السلطات السكان من الخروج وإغلاق النوافذ بسبب "ارتفاع مستويات الكلور" الناجمة عن الحرائق والدخان الكثيف. واعتبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن الهجوم دليل على أن "الضغط على روسيا غير كافٍ"، داعياً إلى عقوبات أكثر فعالية ودعم عسكري إضافي.
أما وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيغا علّق بسخرية قائلاً: “هذه هي خطط السلام الروسية في الواقع”.
روسيا تعلن إحباط هجوم أوكراني
في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها أحبطت هجوماً أوكرانياً على مدينة فورونيج في جنوب غرب روسيا باستخدام صواريخ ATACMS الأميركية. وأوضحت أن الدفاعات الجوية أسقطت أربعة صواريخ، لكن شظاياها ألحقت أضراراً بعدد من المباني، بينها عيادة ودار أيتام، دون تسجيل إصابات.
وأكدت هيئة الأركان الأوكرانية أن استخدام هذه الصواريخ يأتي بعد أشهر من توقفها عن اللجوء إليها. كما أعلنت موسكو إسقاط 65 مسيّرة أوكرانية فوق ست مناطق روسية خلال الساعات الماضية.
تراجع ميداني أوكراني على الجبهات الشرقية والجنوبية
يتزامن التصعيد مع وضع ميداني صعب في عدة جبهات، إذ تبدو مدينة بوكروفسك في الشرق على وشك السقوط، بينما تؤكد تقارير ميدانية سيطرة القوات الروسية على أجزاء واسعة من منطقة دنيبروبيتروفسك خلال الصيف، وتقدمها مؤخراً في زابوريجيا التي بقيت جبهتها ثابتة لعامين.
وهذه التطورات تزيد من الضغط العسكري على كييف، في وقت تبحث فيه عن مخرج سياسي يعيد فتح مسار التفاوض.
زيارة زيلينسكي إلى أنقرة: بحث عن وساطة تركية
وبالتزامن مع التطورات الميدانية وصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الأربعاء إلى أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في إطار جولة أوروبية شملت إسبانيا واليونان وفرنسا.
في العاصمة اليونانية، كان محور المحادثات يدور حول الطاقة أكثر من السلاح، إذ حصل زيلينسكي على تأكيد من حكومة كيرياكوس ميتسوتاكيس بشأن تزويد بلاده بالغاز بين يناير ومارس 2026.
أما في باريس، فقد أفضى اللقاء مع الرئيس إيمانويل ماكرون إلى تفاهم جديد يتعلق بالدفاع الجوي. وفي مدريد، كررت إسبانيا رغبتها في الاستمرار بدعم أوكرانيا، رغم أنها ليست من أكثر الحلفاء ثقلًا في هذا الملف.
و نشر موقع "أكسيوس" الأمريكي تقارير تشير إلى وجود خطة سلام يجري إعدادها سراً بين واشنطن وموسكو، لكن الكرملين رفض التعليق، مؤكداً على لسان المتحدث دميتري بيسكوف أن روسيا "لا تشارك في المحادثات الجارية".
وتتألف الخطة الأميركية بحسب الموقع الأمريكي من 28 بندًا، مستوحاة من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتشمل أربعة أقسام رئيسية: إحلال السلام في أوكرانيا، الضمانات الأمنية، الأمن الأوروبي، ومستقبل العلاقات الأميركية مع كل من روسيا وأوكرانيا.
وينقل "أكسيوس" عن ديميترييف، الذي يدير صندوق الثروة السيادي الروسي، قوله إنه أمضى "ثلاثة أيام في اجتماعات مكثفة مع ويتكوف وفريق ترامب خلال زيارته لميامي بين 24 و26 أكتوبر"، وقد أعرب عن تفاؤله بنجاح الاتفاق لأن "الموقف الروسي يُؤخذ بعين الاعتبار فعليًا، خلافًا للمحاولات السابقة"، وفق تعبيره.
وأوضح ديميترييف أن هذه الجهود لا علاقة لها بالمبادرة البريطانية لإعداد خطة سلام على غرار غزة لأوكرانيا، معتبرًا أنها "محكوم عليها بالفشل" لأنها تتجاهل الموقف الروسي.
وأضاف أن الجانب الأميركي بدأ يشرح للأوكرانيين والأوروبيين "فوائد" مقاربته الجديدة، مشيرًا إلى أن ذلك يجري "على خلفية تحقيق روسيا مكاسب إضافية ميدانيًا"، على حد قوله، وهو ما يعزز قدرة موسكو على الضغط.
ووفق "أكسيوس"، فقد ناقش ويتكوف الخطة مع مستشار الأمن القومي الأوكراني روستيم عمرُوف خلال اجتماع عقد هذا الأسبوع في ميامي.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض مطلع العام، قدّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه وسيطاً لإنهاء الحرب، رغم كون الولايات المتحدة الداعم العسكري الأول لكييف خلال السنوات الماضية. لكن مساعي الوساطة لم تحقق نتائج ملموسة، كما فرض ترامب في أكتوبر عقوبات جديدة على قطاع النفط الروسي.