يروي تقرير من New Atlas قصة طائرة "هاسيندا" التي حلّقت عام 1958 فوق نيفادا لمدة 64 يومًا دون توقف، في أطول رحلة طيران مأهولة بالتاريخ، قادها الطياران روبرت تيم وجون كوك بطائرة سيسنا 172 معدلة للتزود بالوقود أثناء الطيران.
انطلقت من صحراء نيفادا في نهاية خمسينيات القرن الماضي، واحدة من أكثر المغامرات جرأة في تاريخ الطيران، رحلة استمرت 64 يومًا متواصلة دون توقف، ولا تزال حتى اليوم تحمل الرقم القياسي لأطول رحلة طيران مأهولة في العالم، بحسب تقرير نشره الكاتب جو سالاس في موقع New Atlas، نقلاً عن متحف هاورد دبليو كانون للطيران في لاس فيغاس.
بدأت القصة عام 1958 في لاس فيغاس، حين قرر فندق وكازينو هاسيندا القيام بحيلة دعائية لجذب الزبائن. كانت الفكرة بسيطة لكنها مذهلة: جعل طائرة صغيرة تحلّق بلا توقف لأطول مدة ممكنة، مع وضع شعار الكازينو على جسمها.
الطيار روبرت تيم، وهو ميكانيكي ماكينات قمار سابق وطيار قاذفات خلال الحرب العالمية الثانية، كان صاحب الفكرة. حصل على دعم مالي قدره 100 ألف دولار من الكازينو لتنفيذها، وبدأ بتحضير طائرة من طراز سيسنا 172 بمساعدة زميله جون كوك، الطيار الميكانيكي في شركة "ألامو للطيران".
تحويل طائرة صغيرة إلى بيت في السماء
بحسب تقرير New Atlas، تم تجريد الطائرة من كل ما هو غير ضروري، ووُضعت وسادة صغيرة للنوم وحوض للغسيل ومرحاض ميداني قابل للطي. أُضيف خزان وقود ضخم أسفل الهيكل، وعدّل الطاقم خطوط الزيت ليتمكّن الطياران من تبديل الزيت أثناء الطيران دون إيقاف المحرك ، وهو إنجاز غير مسبوق في حينه.
أما عملية التزود بالوقود فكانت مغامرة بحد ذاتها: كانا يطيران على ارتفاع منخفض فوق الطرق السريعة، بينما تسير شاحنة مرافقة أسفل الطائرة بسرعة مماثلة، يمدّ منها رجل يرتدي خوذة خرطوم الوقود إلى الطائرة في مشهد يشبه أفلام الحركة. وقد تمت هذه العملية 128 مرة خلال الرحلة التي استمرت أكثر من شهرين.
تحديات لا تنتهي
يصف التقرير الأعطال المتكررة التي واجهها الطياران: تعطل المولد الكهربائي، المدفأة، الطيار الآلي، وأجهزة القياس. كما أصيبا بالمرض والإرهاق الشديد وفقدا القدرة على التركيز من شدة التعب.
وفي إحدى المرات، غفا تيم أثناء الطيران واستيقظ ليجد نفسه متجهاً نحو المكسيك قبل أن يستعيد السيطرة على الطائرة.
بعد 64 يومًا و22 ساعة و19 دقيقة و5 ثوانٍ في الجو، قرر الطياران الهبوط في مطار ماك كارّان في لاس فيغاس (الذي يُعرف اليوم باسم مطار هاري ريد الدولي). كانا قد قطعا أكثر من 150 ألف ميل، أي ما يعادل ست دورات حول الأرض، دون مغادرة سماء صحراء موهافي.
إرث معلّق في السماء
بحسب متحف "هاورد دبليو كانون" للطيران، لا تزال الطائرة سيسنا 172 المعروفة باسم "هاسيندا" (برقم التسجيل N9217B) معلّقة حتى اليوم فوق منطقة استلام الأمتعة في مطار هاري ريد الدولي.
إنها ليست مجرد قطعة زينة، بل رمز لواحدة من أكثر المغامرات طرافة وجرأة في تاريخ الطيران المدني، ولرقم قياسي لم يُكسر منذ أكثر من ستة عقود.