مجتمع بقانون عشائري أم مدني؟ جدل فلسطيني أثارته اتفاقية "سيداو"

بدأ جدل في المجتمع الفلسطيني منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وهو يتعلق بـ"سيداو"، اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة. وازدادت حدة الجدل عقب إعلان عشائر الخليل، رفضها الكامل لتطبيق الاتفاقية والبراءة التامة من الاتفاقية وكل ما يترتب عليها بحسب ما نشره بيان أصدره ديوان آل تميمي ومقطع فيديو مرافق.
وحذرت العشائر السلطة الفلسطينية بخصوص قرار تحديد سن الزواج والقبول والعمل به، كما حذرت وسائل الإعلام والمؤسسات النسوية. وجاء في بيان أصدرته أمس "على السلطة الفلسطينية الانسحاب منها وإلغاءها، والدعوة إلى إغلاق جميع المؤسسات النسوية وما يدور في فلكها بفلسطين وهي بالمئات والدعوة لإلغاء عقود إيجارها، وكل من يؤجرهم فهو شريك في الجريمة."
وقد أقر محمود عباس، الرئيس الفلسطيني في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قانونا يحدد سن الزواج للجنسين بـ 18 عاماً مع استثناءات لحالات فردية ومحددة من قبل المحكمة.
وقد استفز هذا القانون الذي أصبح معمولاً به مجموعة من الفلسطينيين الذين يعتبرون أن الاتفاقية لا تتوافق مع الأعراف الإسلامية السائدة. وصرح محمود الهباش، قاضي قضاة فلسطين: " إن الشريعة الإسلامية فوق القانون، وفوق أي التزام سياسي، أو أي التزام بقوانين أو معاهدات دولية".
القانون الفلسطيني واتفاقية سيداو
قانون العقوبات الفلسطيني مركب من مجموعة بنود وتشريعات أغلبها قديم. ويسري قانون العقوبات الأردني الذي تم إقراره في 1960 في الضفة الغربية، في حين يخضع قطاع غزة لمجموعة من القوانين المصرية، وحتى البريطانية!
وتطالب المؤسسات الحقوقية والمدنية السلطة الفلسطينية منذ سنوات بسن قوانين وتشريعات أكثر صرامة تعمل على حماية المرأة من العنف والتمييز التي تخضع له بسبب عجز قانون العقوبات السائد في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتساهم الاتفاقيات الدولية كاتفاقية "سيداو" في إيجاد حلول للثغرات القانونية الموجودة أصلا، وتتضمن الاتفاقية بنوداً تلزم الدول الموقعة بسن أدنى للزواج، ومساواة الرجل والمرأة أمام القانون كما تضم نصوصاً تعطي النساء حق الإجهاض وحضانة الأطفال وغيرها.
إحدى أبرز المشاكل التي تواجهها المرأة في قطاع العدالة، ما يعرف بـ "جرائم الشرف" إذ قتلت أكثر من 28 امرأة فلسطينية خلال عام 2019 و35 امرأة عام 2018 وفقاً لحراك "طالعات" الذي أسس للدفاع عن النساء المعنفات.
وبدأ حراك "طالعات" النسوي والشعبي دفاعاً عن حقوق المرأة.
من المشاكل العائقة أيضاً أمام الحلول، إيجاد "بروتوكول" للإجهاض في الضفة الغربية وقطاع غزة خصوصاً في حالات حمل سفاح القربى حيث يتعين على الضحية انتظار الفتوى الدينية ما قد يعرض حياة المرأة للخطر أحياناً.
وتقول سهير فراج، وهي ناشطة نسوية ومديرة عامة لمؤسسة "تام" (جمعية تنمية وإعلام المرأة) ليورونيوز: "الأمر الذي يحدث خطير جداً، ورفض اتفاقية سيداو مجرد حجة، القضية الحقيقية هي سياسية، تسبق الانتخابات وموجهة ضد السلطة المدنية، والمؤسسات الحقوقية. قضايا النساء لم تكن يوماً أولوية عند المجتمع. لا يريدون أن تدخل المؤسسات المدارس حتى لا ينكشف حجم العنف والظلم والاغتصاب الذي تتعرض له النساء وكثير من طالبات المدارس، أو ببساطة منعهن من تعلم حماية أنفسهن من المعنف والمبتز والمغتصب".
وتختم فراج بالقول "ما بدهم صوت النساء يوصل إلى الإعلام، بخافوا من الحقائق والأرقام التي ستصل إلى الناس عبره".
أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1979 اتفاقية سيداو للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة، ووقّعت عليها 189 دولة تتضمن عشرين دولة عربية من أصل 22 دولة (السودان والتي أعلنت مؤخرا عن عزمها التوقيع والصومال)، إضافة لدول إسلامية أخرى. كانت مصر أول الموقعين 1981 وفلسطين الأخيرة في الأول من أبريل/ نيسان 2014 علما بأن فلسطين لم تقدم أية تحفظات قبل توقيع الاتفاقية.