يوسف عزت ليورونيوز: همّ حميدتي هو همّ الشعب السوداني ولا مصالح شخصية ينتظرها من الحرب الدائرة 

صورة تجمع جنرالي السودان عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو
صورة تجمع جنرالي السودان عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو Copyright ASHRAF SHAZLY/AFP
Copyright ASHRAF SHAZLY/AFP
بقلم:  Mariam Chehab
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
نسخ/لصق رابط فيديو المقال أدناهCopy to clipboardCopied

وفر أكثر من 30 ألف شخص إلى تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وافريقيا الوسطى، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، التي حذرت من وصول عدد الفارين إلى 270 ألف شخص في حال تواصل القتال.

اعلان

دخلت "حرب الجنرالين"، الحليفين بالأمس، المتخاصمين اليوم، أسبوعها الثالث في السودان، وتتواصل الاشتباكات بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في ظل وقف هش لإطلاق النار ودون أي بوادر لحل قريب.

وتوازيًا مع استمرار القتال، تتسارع عمليات إجلاء الرعايا الأجانب، كان آخرها إعلان وزارة الدفاع الروسية اليوم أن أربع طائرات عسكرية أرسلت لمساعدة رعاياها على مغادرة هذا البلد الواقع في شمال شرق إفريقيا، ومن بينهم دبلوماسيون وطواقم عسكرية ومواطنون آخرون من روسيا ومن "دول صديقة" وجمهوريات سوفياتية سابقة.

ومنذ اليوم الأول لاندلاع المعارك، في منتصف نيسان/ أبريل، علت مطالبات دولية تدعو طرفي النزاع المنغمسين في حرب بلا رحمة على السلطة، لوقف إطلاق النار وإنهاء الصراع الدموي الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 528 شخصًا وما يزيد عن أربعة آلاف جريح، وفقاً للأمم المتحدة، وإلى ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات.

ورغم الجهود التي تبذل لخفض وتيرة التوتر وإنهاء المشهد الحالي، ومبادرات الوساطة الساعية إلى إنهاء المأزق السياسي، يرفض القائدان العسكريان إجراء مباحثات مباشرة.

وبعد تراجع حظوظ مبادرة منظمة إيغاد (الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا) وضياع فرصة إسرائيل في استضافة مباحثات لوقف القتال بين جنرالات السودان، يبدو أن المبادرة الأمريكية السعودية هي الأوفر حظًا.

وتنص هذه المبادرة التي تشمل كافة القوى السياسية ولا تقتصر فقط على الجنرالين، على تمديد الهدنة وفتح الممرات الإنسانية وتسهيل حركة خروج المواطنين والمقيمين وتمكينهم من قضاء احتياجاتهم والوصول إلى مناطق آمنة، يليها اتفاق على وقف إطلاق النار ومن ثم الانتقال إلى مرحلة الجلوس المباشر للتفاوض في مدينة جدة السعودية.

يوسف عزت

أمام هذا الواقع المأساوي الذي طال 12 ولاية من أصل 18 في البلاد واتساع رقعة المواجهة مما تسبب بنزوح عشرات آلاف الأشخاص إلى البلدان المجاورة، كان لـ"يورونيوز" حديث خاص مع يوسف عزت، المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع للاضطلاع على آخر التطورات.

إلى أين السودان؟ ولماذا اليوم؟

"هذا هو التعريف السليم لما يجري الآن في الخرطوم"

 لدى سؤاله لماذا اليوم، وفي هذا الوقت بالذات، اندلعت هذه الحرب الطاحنة بين الجنرالين، أوضح يوسف عزت أن "الحرب الدائرة اليوم ليست بين الجنرالين كما يتم تصويرها وليست بين قوات الدعم السريع والجيش كما يشاع، بل هي حرب خططت لها العناصر الإسلامية داخل الجيش"، قائلا "تم تغيير الجيش خلال 30 عاما من حكم الحركة الإسلامية في السودان ونجحت الحركة في زرع عناصرها داخل الجيش حتى وصلت إلى المراتب القيادية (في الجيش)". 

وأوضح أنه "كانت هناك عملية سياسية للانتقال إلى حكم مدني وخروج المؤسسة العسكرية من السياسة.. واحدة من شروط الإصلاح الأمني كانت تنقية صفوف الجيش من العناصر الإسلامية المؤدلجة.. وقَع على ذلك قائد الجيش وقائد الدعم السريع، وتم الاتفاق للوصول إلى جيش واحد مهني غير حزبي، يتم دمج الدعم السريع فيه، وكافة الجيوش المتعددة في السودان التي خلفها النظام السابق". 

وتابع عزت لـ "يورونيوز"، "في آخر يوم لورشة الإصلاح الأمني تم سحب جميع ممثلي الجيش من الورشة و بدأت المراوغة وبدأ الإعداد للانقضاض على العملية السياسية برمتها، رغم أن هذه العملية كانت تحت رعاية الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.. كان موقف الدعم السريع واضحا بأن يتم تنقية الجيش والوصول إلى حكومة مدنية ديمقراطية، تقود المرحلة الانتقالية إلى الانتخابات". 

أ ف ب
تصاعد سحب الدخان في العاصمة الخرطومأ ف ب

وأردف قائلا أن "الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي صرح أنهم لن ينتظروا بعد الآن، وذلك كان أمرا للجيش للانقضاض على العملية السياسية وضرب الدعم السريع وتصفيته والانقضاض على القوى المدينة وعودة الحكم السابق إلى الحكم"، منهيا كلامه بـ "هذا هو التعريف السليم لما يجري الآن في الخرطوم، وما زلنا نقاوم والشعب السوداني يقاوم". 

تحول السودان كله إلى ساحة حرب؟ بعد انتقال المعارك إلى دارفور

"حاولوا توسيع دائرة المعركة ولكن لن يكسبوا"

وعن انتقال المعارك من الخرطوم إلى دارفور وتوسيع رقعة القتال، بعد أن ذكرت الأمم المتحدة أن المدنيين يشاركون اليوم في أعمال العنف بين القبائل المتناحرة في ولاية غرب دارفور ومقتل المئات، سألنا المستشار السياسي إذا كانوا يخشون أن يتحول السودان كله إلى ساحة حرب بحال تدحرجت الأوضاع أكثر، ليجيب "حتى الآن، المعركة بيننا محصورة  (قوات الدعم السريع والجيش) وهذا مخطط أفشلناه".

وأعلن أن "انتقال الحرب إلى الولايات بدأ منذ اليوم الأول، حين انطلقت الرصاصة الأولى في الخرطوم وهاجمت القوات المسلحة مواقعنا (مواقع قوات الدعم السريع) في كافة الولايات، تصدينا لها وهناك ولايات نجحنا في السيطرة عليها"، مضيفاً أن العديد من القادة طلبوا هدنة قبل الإعلان عن أي هدنة وأن قوات حميدتي التزمت بهذه الهدنة وبالوعود التي قدمتها ولا يزال الهدوء سيد الموقف في هذه الولايات.

وأشار إلى أن "النظام البائد وعناصره يحاولون إثارة الصراعات في دارفور.. هناك تسليح لقبائل بعينها، ولكن نحاول من خلال التنسيق احتواء أي صراع قبلي"، مؤكدا أن "هذه المعركة مفتوحة حاولوا توسيع دائرتها ولكن لن يكسبوا اي معركة". 

ما الذي يريده حميدتي؟

"ليس هناك أي طموح شخصي لمحمد حمدان"

ولدى سؤاله "ما الذي يريده حميدتي" أجاب المستشار  قائلا: "ليس له هدف شخصي .. لم يعلن الحرب أصلا، ولم يكن يتوقع أن تشن عليه هذه العصابة حربا.. ما يريده هو ما يريده الشعب السوداني.. وكان قد عبر عن التزام صارم في أكثر من موقع ومن يوم توقيع الاتفاق الإطاري، أكد أنه مع الشعب ومع خيار الشعب ومع التحول الديمقراطي ودولة القانون ودولة العدالة والمساواة ومشاركة جميع السودانيين في القرار بالدولة.. هذه مطالب عادلة.. ليست مطالب شخصية وليس هناك أي طموح شخصي لمحمد حمدان يحققه من خلال هذه الحرب".

قاعدة برتسودان وعلاقتها بالحرب؟

"لا صراع بين روسيا وأمريكا على أرض السودان"

وعن القاعدة التي سمح السودان لروسيا بإقامتها في برتسودان وتحذيرات أمريكا وإن كان لها علاقة بما يحدث في البلاد، قال عزت "لا أعتقد ذلك، حتى هذه اللحظة لا توجد قاعدة عسكرية روسية في بورتسودان، وكل الأمر مجرد مقترح، لا يمكن لأي جهة أن توافق على إقامة أو إنشاء أي قاعدة عسكرية دون موافقة البرلمان، ولا يوجد في السودان منذ العام 2019 برلمان يجيز إنشاء قواعد عسكرية.. السودان خالي تماما من أي قواعد عسكرية، أو أي جيوش أجنبية، وهذا أمر معروف".
وشدد قائلا "ليس هناك صراع بين روسيا وأمريكا على أرض السودان ونفوذ عسكري لأي طرف منهم، نحن نعمل دائما لتجنيب بلادنا أي صراعات دولية.. النظام السابق هو الذي أدخل السودان في تحالفات وعداءات أدت إلى حظر السودان أو إصدار قرارات وعقوبات ضده..  بعد الثورة استطاعت الحكومة أن تعالج الكثير من الملفات وانفتحت على كل العالم، السودان ليس لديه عداوة مع دولة أو تحالف مع محور ضد آخر". 

وأكد عزت أن الحديث عن وجود دول غربية وإقليمية بينها عربية تريد تأجيج الخلافات بين الجنرالين مجرد ادعاءات، وما من دولة لديها مصلحة في عدم استقرار السودان.

أ ف ب
مدنيون يفرون من المواجهات الدائرة في الخرطومأ ف ب

وساطة إسرائيلية؟

"لا نستغرب أن تقدم إسرائيل نفسها لحل الإشكال"

وعن مبادرة إسرائيل لإنهاء النزاع الدائر في السودان، أوضح المستشار السوداني أن "إسرائيل تريد أن تلعب دورا في المنطقة تستطيع من خلاله تحسين صورتها.. فهي تظهر على أنها دولة حرب وإرهاب.. ما تطرحه إسرائيل من حقها ولا أحد يستطيع أن يقرر كيف تريد أن تقدم نفسها".

اعلان

دور الجامعة العربية؟

وعن دور الجامعة العربية، أكد عزت أنه "حتى الآن أنا لا أرى أي دور أو موقف واحد من الجامعة العربية حول هذه الأزمة، ولم يصلني أي موقف أو رؤية أو طرح من قبل الجامعة العربية".

المخرج لعودة السودان إلى ما قبل اندلاع المواجهات؟

"محاكمة من أعلنوا الحرب وساندوها"

وعن المخرج لإعادة السودان إلى ما قبل منتصف أبريل/نيسان، قال عزت "أنا أعتقد أن هذه المجموعة هزمت وأحلامها في العودة إلى السلطة تكسرت.. لم يعد هناك أي احتمال لعودتهم مرة أخرى بعد الهزائم التي تلقوها"، وأضاف " يديرون الآن حملات إعلامية ويتحدثون عن انتصارات وهمية لا وجود لها على أرض الواقع، نحن نسعى لإيقاف الحرب وفق شروط تأتي لصالح الشعب السوداني وإحدى هذه الشروط عودة مسار التحول الديمقراطي وإبعاد هؤلاء من أي عملية سياسية، ومحاكمة الذين أعلنوا الحرب وساندوها". 

أ ف ب
عناصر من الجيش السودانيأ ف ب

وقالت الأمم المتحدة إن نحو 75 ألف شخص نزحوا داخليًا خلال الأسبوع الأول من القتال بشكل رئيسي في ولايات الخرطوم والشمالية والنيل الأزرق وشمال كردفان وشمال وغرب وجنوب دارفور.

وفر أكثر من 30 ألف شخص إلى تشاد وجنوب السودان وإثيوبيا وافريقيا الوسطى، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، التي حذرت من وصول عدد الفارين إلى 270 ألف شخص في حال تواصل القتال.

اعلان
شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

الجامعة العربية تعقد الأحد اجتماعين غير عاديين على مستوى وزراء الخارجية بشأن السودان وسوريا

استمرار القتال في السودان.. وبايدن يهدد بعقوبات

الأمن الغذائي هاجس السودانيين الأول بعد مرور عام على اندلاع النزاع المسلح في البلاد