عرضت وزارة الخارجية الأميركية مكافأة مالية بقيمة 10 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى القبض على زعيم تنظيم "القاعدة" في شبه الجزيرة العربية، سعد بن عاطف العولقي.
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، عبر برنامج "المكافآت من أجل العدالة" (Rewards for Justice)، عن مكافآت مالية تصل إلى ملايين الدولارات مقابل معلومات تقود إلى تحديد مكان أو هوية خمسة من كبار قادة تنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب، وهم سعد بن عاطف العولقي، إبراهيم محمد صالح البنّا، إبراهيم أحمد محمود القوسي، عباس حمدان، وسبيت بن الحارث.
وحددت الوزارة مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على سعد بن عاطف العولقي، الذي تولى قيادة التنظيم عام 2024 بعد مقتل خالد سعيد بطارفي. وقالت الخارجية إن العولقي "دعا إلى شن هجمات ضد الولايات المتحدة وحلفائها"، كما أنه "قاد عمليات التنظيم في محافظة شبوة اليمنية، وتورط في خطف أميركيين وغربيين".
أما إبراهيم البنّا، الذي خصصت له مكافأة قدرها 5 ملايين دولار، فهو أحد المؤسسين البارزين للتنظيم ويشغل حالياً منصب رئيس جهاز الأمن. فيما رُصدت مكافأة بقيمة 4 ملايين دولار بحق إبراهيم القوسي، لدوره في التحريض على تنفيذ هجمات "الذئاب المنفردة" ضد أهداف أميركية.
كما شملت القائمة عباس حمدان وسبيت بن الحارث، اللذين يُعدّان من القيادات الميدانية الناشطة في صفوف التنظيم، وحددت أيضا مكافأة بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنهما.
تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"
تُصنف الولايات المتحدة "القاعدة" في جزيرة العرب كمنظمة إرهابية أجنبية منذ كانون الثاني 2010. ويُعدّ التنظيم من أخطر الفروع التابعة لتنظيم "القاعدة"، ويتمركز بشكل رئيسي في اليمن، حيث شنّ هجمات واسعة داخل البلاد وخارجها.
وفي عام 2013، تبنّى التنظيم واحدة من أكثر الهجمات دموية في اليمن، باستهداف وزارة الدفاع، ما أسفر عن مقتل 52 شخصاً، بحسب المركز الوطني الأميركي لمكافحة الإرهاب.
ومنذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2015 بين الحكومة اليمنية والحوثيين، استغل التنظيم حالة الفوضى لتعزيز نفوذه، خاصة في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت، حيث استولى على سجون وأفرج عن معتقلين، ونهب بنوكاً، وسيطر على منشآت حكومية.
خارج اليمن، ارتبط اسم التنظيم بمحاولات عدة لاستهداف الولايات المتحدة، منها محاولة تفجير طائرة أميركية بعبوة مخبأة في الملابس الداخلية عام 2009، وإرسال طرود مفخخة عام 2010، إضافة إلى تبنّي الهجوم على مقر مجلة "شارلي إيبدو" في باريس مطلع عام 2015، والذي أودى بحياة 12 شخصاً.
من بن لادن والظواهري إلى العولقي
يمثل تنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب الامتداد الأكثر نشاطًا وخطورة لتنظيم "القاعدة" العالمي، الذي تأسس أواخر ثمانينات القرن الماضي على يد أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، في أعقاب الحرب السوفييتية في أفغانستان. وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود، ظلّ التنظيم في صدام مباشر مع الولايات المتحدة، مستندًا إلى أيديولوجيا جهادية ترى في الوجود الأميركي في العالم الإسلامي "عدوانًا" يتطلب المواجهة المسلحة.
وفي عام 1988، أسّس بن لادن تنظيم "القاعدة"، ومن هناك بدأت مرحلة جديدة من استهداف المصالح الأميركية والغربية، تصاعدت عبر هجمات كبرى في شرق أفريقيا واليمن، وانتهت بهجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
وبعد مقتل بن لادن في أيار/مايو 2011، خلال مداهمة سرّية لمقره في مدينة أبوت آباد الباكستانية، أعلنت الولايات المتحدة أن جثته تم نقلها إلى حاملة الطائرات "يو إس إس كارل فينسن" في بحر العرب، ثم أُلقيت في البحر.
أما أيمن الظواهري، فهو مصري مولود عام 1951، انضم إلى حركة "الجهاد الإسلامي" في مصر في سبعينيات القرن الماضي، واعتُقل عقب اغتيال الرئيس أنور السادات. لاحقًا، التحق بأفغانستان، وهناك التقى بن لادن وشكّل معه النواة الفكرية والتنظيمية للقاعدة.
وقد قُتل في 31 تموز/يوليو 2022 بغارة أميركية بطائرة مسيّرة استهدفته في شرفة منزله وسط العاصمة الأفغانية كابل.
في عام 2009، اندمج فرعا "القاعدة" في اليمن والسعودية لتشكيل ما يُعرف بـ"تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، وهو الفرع الذي يُعد اليوم الأخطر من بين أفرع التنظيم، بسبب مرونته الهيكلية وانتشاره في مناطق خارجة عن سيطرة الدولة، خصوصًا بعد اندلاع الحرب الأهلية في اليمن عام 2015.
ورغم الضربات الأميركية المتكررة بطائرات مسيّرة، استمر التنظيم في إعادة إنتاج نفسه عبر قيادات ميدانية جديدة، مثل سعد بن عاطف العولقي، الذي بات يتصدر اليوم قائمة المطلوبين لدى واشنطن، إلى جانب قيادات أخرى ينشط بعضها في محافظتي شبوة وحضرموت.