أعاد ناشطون تداول لقطات تعود إلى حرب أكتوبر 1973، مرفقة بتعليقات توحي بأن الجيش المصري "يعيد التموضع" أو "يستعد لسيناريوهات مفتوحة".
في سابقة سياسية منذ عام 1977، أعاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي استخدام مصطلح "العدو" للإشارة إلى إسرائيل، في خطاب رسمي أمام القمة العربية - الإسلامية في الدوحة، مُعيدًا بذلك صياغة الخطاب الرسمي المصري تجاه تل أبيب، بعد عقود من الامتناع عن استخدام هذا التوصيف في العلن.
وجاءت الإشارة في سياق تحذير صريح من أن "ما يحدث الآن يعيق مستقبل السلام، ويهدد أمنكم وأمن شعوب المنطقة، ويضيف عقبات أمام فرص أي اتفاقيات سلام جديدة، بل ويلغي حتى الاتفاقيات القائمة"، في إشارة مباشرة إلى التصعيد العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة وتداعياته الإقليمية.
ولم يكتفِ السيسي بالتوصيف، بل دعا إلى "تغيير مواقفنا فيما يتعلق بإدراك العدو لنا، بحيث يرى أن أي دولة عربية، تمتد من المحيط إلى الخليج، تتمتع بمظلة تمتد إلى جميع الدول الإسلامية"، في إشارة ضمنية إلى ضرورة بناء منظومة دفاع إقليمية موحدة.
"عدو" لم يُنطق به رسميًا منذ السادات
في أول تعليق رسمي يُوثّق دلالة التصريح، أكد ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، خلال لقاء تلفزيوني الثلاثاء، أن استخدام مصطلح "العدو" من قبل مسؤول مصري على هذا المستوى "لم يحدث منذ ما قبل زيارة الرئيس الراحل أنور السادات إلى إسرائيل عام 1977".
وأضاف رشوان: "مصر تتعرض لتهديد، ولا يهدد الأمن القومي إلا العدو.. أما الصديق فلا يهدد أمنك القومي".
وأوضح أن أحد أوجه هذا التهديد يتمثل في احتمال تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين من قطاع غزة عبر معبر رفح البري إلى الأراضي المصرية، وهو سيناريو ترفضه القاهرة بشدة، وتتعامل معه كمسألة أمن قومي مباشر، لا كأزمة إنسانية فحسب.
مصر تقود مبادرة لتشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة
في تطور موازٍ، تشير تقارير إعلامية متطابقة - من مصادر لبنانية وفلسطينية وبريطانية - إلى أن مصر تتحرك دبلوماسيًا وعسكريًا لإحياء فكرة "قوة عربية مشتركة" ذات هيكلية مشابهة لحلف شمال الأطلسي، تهدف إلى الردع والدفاع المشترك، لا الهجوم أو التصعيد.
وبحسب صحيفة "الأخبار" اللبنانية، فإن الفكرة طُرحت في اتصالات دبلوماسية مكثفة قبل القمة، وتجد دعمًا سعوديًا محتملًا، مع ترشيح ضابط مصري برتبة فريق (أربعة نجوم) لقيادة القوة، ومشاركة مصرية أولية بنحو 20 ألف جندي.
ونقلت "القدس العربي" عن مصادرها أن القاهرة تشدد على أن تكون القوة "مظلة دفاعية" تراعي التوازن الديموغرافي والعسكري بين الدول المشاركة، ولا تُستخدم كأداة هيمنة. فيما أكدت وكالة "معًا" الفلسطينية أن المناقشات لا تزال في طور التفاوض، ولم تُتخذ قرارات نهائية بعد.
تصعيد افتراضي على السوشيال ميديا
وبالتزامن مع الخطاب الرسمي للسيسي انتشرت حملات دعم واسعة على منصات التواصل الاجتماعي للجيش المصري ترافقت مع نشر فيديوهات وصور - تبين لاحقًا أنها قديمة - تُنسب خطأً إلى تحركات عسكرية استثنائية على الحدود مع غزة.
وانتشرت الوسوم #دقت_طبول_الحرب و#الجيش_المصري_قادر_وجاهز و#سينا_خط_أحمر بملايين المشاركات، في محاولة لخلق حالة من التعبئة الشعبية والرمزية. وأظهرت مقاطع فيديو - تم التحقق منها عبر البحث العكسي - أنها تعود لتدريبات عسكرية روتينية أُجريت في أعوام سابقة، بعضها يعود لعام 2020 و2022، دون أي علاقة بالوضع الحالي.
كما أعاد ناشطون نشر لقطات من حرب أكتوبر 1973، مرفقة بتعليقات توحي بأن الجيش "يعيد التموضع" أو "يستعد لسيناريوهات مفتوحة"، في حين لم تُصدر وزارة الدفاع أي بيان، ولم تُعلن عن أي تحركات استثنائية، أو تغيير في حالة التأهب على الحدود.
ويتزامن انتشار هذه المقاطع مع تصاعد حدة الخلاف العلني بين القاهرة وتل أبيب حول مستقبل قطاع غزة، ورفض مصر القاطع لأي سيناريو يشمل تهجير سكانه إلى سيناء.