مع انتهاء الحرب الأخيرة التي استمرت 12 يوماً في حزيران/ يونيو، بدأت إيران على وجه السرعة إعادة بناء منشآت إنتاج الصواريخ التي استهدفتها إسرائيل، ولكن يلفت خبراء إلى أن مكوّناً أساسياً ما زال غائباً عن المشهد: الخلاطات الكوكبية الضخمة اللازمة لإنتاج وقود الصواريخ الصلب.
اعلان
أظهرت صور التقطتها شركة Planet Labs PBC وحللتها وكالة "أسوشيتد برس" نشاطاً مكثفاً في منشآت بارشين وشاهرود، ويعكس ذلك الأهمية الاستراتيجية التي توليها طهران لبرنامجها الصاروخي. ويرى خبراء أن إيران تسعى خصوصاً للحصول على الخلاطات، قبيل دخول العقوبات الأممية الجديدة حيّز التنفيذ.
الخلاطات الكوكبية ودورها
تُعرف هذه الآلات بـ"الخلاطات الكوكبية"، إذ تدور شفراتها حول نقطة مركزية بطريقة تضمن خلطاً متجانساً لمكونات الوقود. ويقول خبراء إن إيران قادرة على استيرادها من الصين، كما فعلت سابقاً مع مكونات وقود صاروخي أخرى.
سام لير، الباحث في مركز جيمس مارتن لدراسات عدم الانتشار النووي، اعتبر أن استعادة هذه الخلاطات تعني أن البنية التحتية الإيرانية ستبقى جاهزة للعودة إلى العمل.
الهجمات الإسرائيلية وأهدافها
تملك إيران مواقع لتصنيع الصواريخ العاملة بالوقود الصلب في خوجير وبارشين قرب طهران، إضافة إلى موقع في شاهرود شمال شرقي العاصمة. جميعها تعرضت لغارات إسرائيلية في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، ثم استُهدفت مجدداً خلال الحرب الأخيرة.
يتميّز هذا النوع من الصواريخ بإمكانية إطلاقه بسرعة تفوق الصواريخ العاملة بالوقود السائل التي تحتاج إلى التعبئة قبل الإطلاق، ما يمنحها ميزة حاسمة في الميدان.
وبحسب خبراء، فإن الضربات الجوية الإسرائيلية ركزت على تدمير المباني التي تحتوي على الخلاطات، كونها ضرورية لعملية المزج المتساوي للوقود. كما استهدفت مواقع تصنيع يمكن استخدامها في إنتاج هذه المعدات.
ترسانة إيران ومعدل الإنتاج
خلال الحرب، أطلقت إيران 574 صاروخاً باليستياً على إسرائيل، وفق المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي في واشنطن. وفي تبادل لإطلاق النار قبيل الحرب، أُطلق 330 صاروخاً إضافياً. ويُقدَّر أن أكثر من ثلث الترسانة الإيرانية، التي تصل إلى نحو 2500 صاروخ بحسب الجيش الإسرائيلي، قد استُخدمت.
كارل باركن، الباحث في مركز جيمس مارتن، أوضح أن إيران كانت قبل الحرب على طريق إنتاج ما يزيد عن 200 صاروخ يعمل بالوقود الصلب شهرياً. وأضاف: "تسعى إسرائيل لضرب نقطة العُقدة في عملية الإنتاج، وهي الخلط. وإذا تجاوزت إيران هذه العقبة، يمكنها العودة إلى الإنتاج الكمي".
وكان وزير الدفاع الإيراني، الجنرال عزيز ناصر زاده، قد أعلن أن طهران طوّرت صواريخ جديدة برؤوس حربية أكثر تقدماً، مضيفاً في 22 آب/ أغسطس: "الحرب الأخيرة غيّرت أولوياتنا، وتركز جهودنا الآن على معدات أكثر دقة وفعالية".
البحث عن بديل في الصين
أُثيرت تساؤلات حول إمكانية أن تلجأ إيران إلى الصين للحصول على الخلاطات والمواد الكيميائية. وقد فرضت وزارة الخارجية الأمريكية بالفعل عقوبات على شركات صينية اتُّهمت بتزويد طهران بمكونات وقود صاروخي.
وأثارت زيارة الرئيس الإيراني إلى بكين هذا الشهر لحضور استعراض يوم النصر بدورها تكهنات، غير أن الإعلام الرسمي الصيني لم يُشر إلى أي طلبات مساعدة من طهران.
واكتفت وزارة الخارجية الصينية بالقول لـ"وكالة أسوشيتد برس" إنها مستعدة "لاستخدام نفوذها لدعم الاستقرار في الشرق الأوسط"، مؤكدة دعمها لإيران في حماية سيادتها وأمنها، معبرة في الوقت ذاته عن "قلق عميق من تصاعد التوترات في المنطقة".