أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان أنها تتابع الملف عن قرب، داعية إلى "تحقيق سريع ومستقل وشفاف"، فيما طالبت منظمات حقوقية برازيلية بوقف المداهمات العشوائية ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
تحولت المداهمة التي نفذتها قوات الأمن البرازيلية في أحياء فقيرة بمدينة ريو دي جانيرو إلى واحدة من أكثر اللحظات دموية في تاريخ البلاد، بعدما أعلنت السلطات مقتل ما لا يقل عن 119 شخصاً، في حصيلة أثارت صدمة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وغضباً واسعاً في الشارع.
عملية "ناجحة" تتحول إلى مأساة
بدأت المداهمة فجر الثلاثاء بمشاركة نحو 2500 عنصر من الشرطة والجيش لاستهداف عصابة "كوماندو فيرميليو"، إحدى أكبر شبكات تهريب المخدرات في البرازيل، داخل أحياء بينيا وأليماو العشوائية في شمال المدينة. لكن ما كان يُفترض أن يكون "ضربة نوعية" انتهى بمجزرة: 115 مشتبهاً به وأربعة شرطيين قُتلوا خلال ساعات قليلة، فيما أعلن مكتب المحامي العام في المدينة أن عدد القتلى قد يتجاوز 132 شخصاً.
وقال حاكم ولاية ريو، اليميني كلاوديو كاسترو، إن العملية "كانت ناجحة" بعد أكثر من عام من التحقيقات و113 عملية توقيف. غير أن المشاهد القادمة من الأحياء الفقيرة رسمت صورة مختلفة تماماً: جثث مكدسة، صراخ أمهات، وطرقات تحولت إلى ساحات للدماء.
صدمة وغضب في الشارع
في حي بينيا، وقف السكان مذهولين أمام عشرات الجثث التي انتُشلت من الغابات المحيطة بالأحياء العشوائية. وقالت إليسانجيلا سيلفا سانتوس، البالغة خمسين عاماً والمقيمة في حي بينيا، كما أوردت وكالة أسوشيتد برس: "كان يمكنهم اعتقالهم، لماذا يقتلونهم بهذه الطريقة؟ كثير منهم كانوا أحياء وينادون طلباً للمساعدة. نعم إنهم تجار مخدرات، لكنهم بشر".
انتقادات دولية وتحقيقات مرتقبة
أبدى الرئيس لولا دا سيلفا "صدمته العميقة" من حصيلة القتلى، بحسب ما نقله وزير العدل ريكاردو ليفاندوفسكي، موضحاً أن الحكومة الفدرالية لم تُبلّغ مسبقاً بالعملية. ودعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى "تحقيق سريع ومستقل"، فيما وصفت منظمة العفو الدولية ريو بأنها "مدينة تعيش حالة رعب".
المتحدثة باسم المفوضية، مارتا هورتادو، قالت إن على البرازيل أن "تتوقف عن تكرار هذا النمط من الوحشية وأن تضمن التزام قوات الأمن بالمعايير الدولية لاستخدام القوة".
يوم من الفوضى
تزامناً مع الاشتباكات، شُلّت أجزاء كبيرة من المدينة: توقفت الحافلات، أُغلقت المدارس والجامعات، وتقطعت السبل بآلاف السكان الذين لم يتمكنوا من العودة إلى منازلهم. ومع عودة الحياة تدريجياً إلى طبيعتها الأربعاء، بقيت آثار الرصاص والدماء تذكّر بأن ريو دي جانيرو خاضت معركة خاسرة ضد أشباح الفقر والجريمة.
تأتي هذه المأساة قبل أيام من استضافة البرازيل مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 30) في مدينة بيليم، ما وضع الحكومة في موقف حرج أمام المجتمع الدولي.