أثار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جدلًا واسعًا، يوم الأحد، عندما وصف تنازل الولايات المتحدة عن قناة بنما بأنها "تصرف أحمق"، مهددًا بالسعي لاستعادة السيطرة على القناة إذا استمر فرض الرسوم التي وصفها بـ"السخيفة" على السفن الأمريكية.
جاءت تصريحاته خلال تجمع كبير في أريزونا، حيث استعرض أمام أنصاره خططه لفترة رئاسته الثانية، متعهداً بإعادة بناء الاقتصاد ومواجهة التحديات السياسية.
وقال ترامب، في كلمته أمام الحشود، إن بلاده "تُركت لتتحمل رسومًا باهظة على الشحنات التي تمر عبر القناة"، مشيرًا إلى أن إدارته ستطالب بإعادة القناة "بسرعة ودون سؤال" إذا لم تُراعَ المبادئ القانونية والأخلاقية المتعلقة بتلك الرسوم.
بنما تردّ: السيادة أولاً
رداً على تصريحات ترامب، نشر الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو، مقطع فيديو وصف فيه القناة بأنها "رمز للسيادة البنمية". وأكد مولينو أن الرسوم الجمركية تُحدد بناءً على اعتبارات اقتصادية بحتة تشمل العرض والطلب والتكاليف التشغيلية، مشددًا على أن كل متر مربع من القناة "ينتمي إلى بنما وسيبقى كذلك".
وأضاف مولينو أن زيادات رسوم العبور جاءت نتيجة لتوسيع القناة بمبادرة بنمية لزيادة حركة الشحنات العالمية. واختتم قائلاً: "قد نختلف في بنما حول قضايا عدة، لكننا متحدون تحت راية سيادتنا على القناة".
على إثر هذا الرد، لجأ ترامب إلى وسائل التواصل الاجتماعي وعلق بصورة تُظهر العلم الأمريكي مزروعًا في منطقة القناة، تحت عبارة: "مرحبًا بكم في قناة الولايات المتحدة!"، في تصعيد أثار مزيدًا من الجدل.
ما هي أهمية قناة بنما؟
تمثل قناة بنما ممرًا مائيًا استراتيجيًا يربط بين المحيطين الأطلسي والهادئ، مما يجعلها مركزًا رئيسيًا للتجارة الدولية. تتعامل القناة سنويًا مع أكثر من 14 ألف سفينة، ما يعادل 2.5% من التجارة البحرية العالمية، وتسهم في نقل ما يقرب من 270 مليار دولار من البضائع سنويًا.
تمثل القناة أيضًا عنصرًا رئيسيًا في الأمن القومي والاقتصاد الأمريكي، إذ تسهم في تقليل وقت الشحن بين الساحلين الشرقي والغربي، ما يوفر ملايين الدولارات سنويًا للشركات الأمريكية. يُعد الممر حيويًا لواردات الولايات المتحدة من السيارات والسلع التجارية عبر سفن الحاويات القادمة من آسيا، كما يُعتبر أساسياً في صادرات الغاز الطبيعي المسال.
القناة التي يبلغ طولها أكثر من 80 كيلومترًا، تمثل ثاني أهم معبر مائي صنعه الإنسان بعد قناة السويس. وقد بنتها الولايات المتحدة في أوائل القرن العشرين لتعزيز التجارة والنقل العسكري، قبل أن تتنازل عن إدارتها لبنما في 31 كانون الأول/ديسمبر 1999، بموجب معاهدة وقعها الرئيس جيمي كارتر عام 1977.
تعتمد القناة على الخزانات لتشغيل أقفالها، وقد تأثرت بالظروف المناخية مثل موجات الجفاف، التي أثرت على كفاءة عملياتها وأدت إلى فرض زيادات في رسوم العبور. مع عودة الطقس إلى طبيعته، استقرت حركة العبور، لكن دور القناة كممر عالمي يظل حاسمًا للتجارة الدولية والاقتصاد الأمريكي.