جاء الصعود القوي للمعادن النفيسة في عام 2025 مدفوعًا بتزايد اهتمام البنوك المركزية حول العالم بتقليص اعتمادها على الأوراق المالية الأميركية، واتجاهها المتسارع نحو الذهب بوصفه جزءًا من احتياطاتها.
سجّلت أسواق المعادن النفيسة، في تداولات يوم الجمعة 26 ديسمبر 2025، قفزة استثنائية، إذ تجاوز سعر أونصة الفضة حاجز 75 دولاراً للمرة الأولى في تاريخ التداولات العالمية، محققةً ارتفاعاً سنوياً بلغ 158% منذ بداية العام.
وفي الوقت نفسه، قفز الذهب إلى مستوى قياسي جديد عند 4,530.60 دولاراً للأونصة، بينما سجّلت العقود الآجلة الأميركية 4,543.05 دولاراً، محققةً مكاسب سنوية تقارب 70%.
ولم يقتصر التفوق على الأداء السنوي، بل تجاوزته الفضة بكونها سجّلت أفضل أداء سنوي منذ 1979، متفوّقةً على الذهب.
ويرجع هذا الارتفاع الاستثنائي إلى مجموعة عوامل، أبرزها نقص المخزونات العالمية، والطلب الصناعي القوي، إلى جانب القرار الأميركي بإدراج الفضة رسمياً ضمن “قائمة المعادن الحرجة”، ما عزّز مكانتها كأصل استراتيجي في الصناعات التقنية المتقدمة.
التحول عن الدولار وانحسار جاذبية السندات الأميركية
وجاء الصعود القوي للمعادن النفيسة في 2025 مدفوعاً باهتمام متزايد من البنوك المركزية العالمية بتقليل اعتمادها على الدولار والأوراق المالية الأميركية، واللجوء المتسارع إلى الذهب كجزء من احتياطاتها.
وتزامن ذلك مع تراجع جاذبية الدولار وسندات الخزانة الأميركية، اللذين يُعدّان عادةً من الأصول الآمنة التقليدية، في ظل مخاوف متزايدة بشأن الدين العام للدول الكبرى وتقلّب المشهد المالي العالمي.
التوترات الجيوسياسية وغموض المشهد الأميركي
وأثّرت التوترات الجيوسياسية بشكل مباشر في تحركات السوق، خاصةً مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا، حيث نشرت واشنطن قوة عسكرية في منطقة الكاريبي وفرضت حصاراً بحرياً على كاراكاس، متهمةً إياها بتمويل ما وصفته بـ"الإرهاب المرتبط بالمخدرات".
ويُعزى جزء من تراجع ثقة المستثمرين في الأصول الدولارية إلى الغموض السياسي المرتبط بمرحلة حكم دونالد ترامب، فضلاً عن التوقعات المتزايدة بخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة في 2026، ما يجعل حيازة الدولار أقل جاذبية.
ولم يقتصر الزخم على الذهب والفضة، بل شمل أيضاً المعادن الصناعية. فقد قفز البلاتين إلى مستوى قياسي عند 2,413.62 دولاراً للأونصة، بينما ارتفع البلاديوم إلى 1,757.25 دولاراً، مدعوماً بقرارات تنظيمية دولية منحت محركات الاحتراق الداخلي عمراً إضافياً، ما أعاد إشعال الطلب الصناعي عليها ودفع التوقعات باستمرار نمو الطلب في المديين المتوسط والطويل.