حلّل الفريق بيانات 57 نوعًا من الطيور ووجد أن أعداد الطيور آكلة الحشرات كانت أقل 12% في المواقع التي استُخدمت فيها المبيدات.
أظهرت دراسة جديدة أن أعداد الطيور آكلة الحشرات في فرنسا، مثل الشحرور، والسنونو، والشرشور بدأت تتزايد بعد حظر مبيدات النيونيكوتينويد الضارة بالنحل، وهي أكثر فئة مبيدات حشرية استخدامًا في العالم، وتستعمل في الزراعة وفي مكافحة البراغيث لدى الحيوانات الأليفة.
وقد شهدت أعداد الطيور تراجعًا حادًا في العديد من دول العالم، وتشير دراسات متعددة إلى أن تناقص أعداد الحشرات يُعد من العوامل الرئيسية وراء هذا الانخفاض.
وكانت أولى حالات الموت الجماعي للنحل قد سجلت في فرنسا وألمانيا مطلع الألفية الجديدة، حيث أظهرت الأبحاث أن هذه المواد الكيميائية، حتى عند استخدامها بجرعات ضئيلة، تؤثر سلبًا في قدرة النحل على الملاحة والبحث عن الغذاء.
ومع مرور السنوات، وتأثيرها على الطيور، تحولت المسألة إلى قضية رأي عام، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى حظر استخدامها في الهواء الطلق عام 2018 بشكل شبه كامل، رغم المقاومة الشديدة من جانب الشركات الزراعية والكيميائية.
ورغم تطبيق الحظر داخل منطقة اليورو، لا تزال هذه المبيدات تُستخدم على نطاق واسع في الولايات المتحدة، التي فقدت ما يقرب من 3 مليارات طائر آكل للحشرات منذ سبعينيات القرن الماضي.
منهجية الدراسة
اعتمدت الدراسة، المنشورة في مجلة "التلوث البيئي"، على بيانات جُمعت من أكثر من 1900 موقع في فرنسا بواسطة خبراء متطوعين وقُسمت البيانات إلى فترتين زمنيتين: فترة ما قبل الحظر (2013–2018)، وفترة ما بعد الحظر (2019–2022).
وحلّل الفريق البحثي بيانات 57 نوعًا من الطيور، وتوصل إلى أن أعداد تلك الآكلة للحشرات كانت أقل بنسبة 12% في المواقع التي استخدمت فيها المبيدات.
وفي عام 2022، لاحظ الباحثون ارتفاعًا في الأعداد بنسبة تراوحت بين 2% و3%. وقال الباحث الرئيسي، توماس بيرو، من مؤسسة الأبحاث حول التنوع البيولوجي في باريس: "حتى الارتفاع الطفيف بنسبة بضع نقاط مئوية يُعد مؤشرًا مهمًا، فهو يدلّ على أن الحظر أحدث تأثيرًا إيجابيًا. وتشير نتائجنا بوضوح إلى أن حظر النيونيكوتينويدات إجراء فعّال لحماية الطيور آكلة الحشرات".
ورجّح بيرو أن تكون كائنات أخرى آكلة للحشرات، مثل الثدييات الصغيرة والخفافيش وحتى الأسماك، قد استفادت بدورها من هذا التحسن. بينما بدت الطيور ذات الأنماط الغذائية المتنوعة، كالحمام البري والدوري أقل تأثرًا، نظرًا لاعتمادها المحدود على الحشرات في الغداء.
ممارسة ضغط أكبر
من جانبه، قال فرانس فان ألابيك، مسؤول السياسات في منظمة "بيردلايف هولندا"، لصحيفة الغارديان: "كان من الضروري ممارسة ضغط كبير لإجبار الحكومات على إقرار هذا الحظر. لقد واجه البرلمان الأوروبي ضغطًا شعبيًا هائلًا. وقد فوجئت بأن مؤشرات التعافي بدأت تظهر بالفعل. فدراسة هذا النوع من الظواهر أمر بالغ الصعوبة، وهذا ما يضفي على الدراسة أهمية خاصة. الرسالة الإيجابية هنا هي أن حظر المبيدات يُحدث فرقًا ملموسًا، ويساهم في استعادة الحياة البرية".
في المقابل، تعامل باحثون آخرون مع النتائج بتفاؤل أقل، وقال جيمس بيرس-هيغنز، مدير العلوم في "الصندوق البريطاني لعلم الطيور": "تُظهر الدراسة مؤشرات مبكرة على تعافٍ محدود في أعداد الطيور، لكنه غير مؤكد وقد يُعزى إلى عوامل أخرى مترابطة"، مشيرًا إلى أن تغيّر المناخ واختلاف الموائل من بين العوامل التي تُصعّب تفسير النتائج بشكل قاطع. وأضاف: "تبرز الدراسة أهمية برامج الرصد طويلة المدى لفهم هذه الاتجاهات مستقبلاً".
من ناحية أخرى، يرى بيرو، مؤلف الدراسة، أن "التعافي المحدود بعد الحظر أمر منطقي"، موضحًا أن مبيدات النيونيكوتينويد تبقى في التربة لسنوات طويلة وقد تستمر في التأثير على الحشرات.
ويضيف: "تشير نتائجنا إلى أن تعافي أعداد الطيور آكلة الحشرات بالكامل سيستغرق عقودًا، وهذا أمر طبيعي، إذ تُظهر الدراسات المتعلقة بمبيدات أخرى مثل الـDDT أن معظم الطيور تحتاج إلى فترة تتراوح بين 10 و25 عامًا لتستعيد أعدادها بشكل كامل".