بعد نجاحها في مواجهة سرطانات الدم، تتهيأ الخلايا التائية CAR T لدخول معركة أصعب: التصدي للأورام الصلبة التي تمثل الغالبية الساحقة من حالات السرطان، وتشكل التحدي الأكبر أمام العلاجات المناعية الحديثة.
نشرت مجلة Nature Biomedical Engineering نتائج دراسة حديثة أجراها باحثون من مركز USC Norris الشامل للسرطان بالتعاون مع منظمة City of Hope، تكشف عن تصميم مبتكر للخلايا التائية يجعلها أكثر قدرة في مواجهة سرطانات تشكّل نحو 90% من الحالات عالميًا، بما فيها البروستات، والثدي، والرئة، والمبيض.
تصميم جديد لتعزيز الهجوم المناعي
اعتمد التصميم على دمج بروتينين داخل الخلايا التائية: السيتوكين إنترلوكين 12 (IL-12)، المعروف بقدرته على تعزيز النشاط المناعي، مع مثبط PD-L1، أحد معطلات نقاط التفتيش المناعية التي تستخدمها الأورام لوقف هجوم الخلايا التائية.
عند اختبارها على نماذج فئران مصابة بسرطاني المبيض والبروستات، أطلقت الخلايا المعدلة هجومًا موضعيًا قلّص الأورام بشكل فعّال، ن دون إلحاق أضرار جانبية واسعة في بقية أعضاء الجسم.
المؤلف الرئيسي للدراسة، سول برايسمان، أستاذ مشارك في كلية كيك للطب بجامعة USC والمدير المؤسس لمركز كيك/نوريس لأبحاث العلاج المناعي الخلوي للسرطان، قال: "من خلال التصميم الجديد لخلايا CAR T، يمكننا جعل العلاج أكثر أمانًا وفعالية، حتى ضد الأورام المقاومة".
اختبارات واعدة
المعضلة الأساسية أمام علاج CAR T كانت دائمًا البيئة العدائية داخل الأورام الصلبة، التي تعيق عمل الخلايا التائية وتضعف قدرتها على الهجوم.
ورغم أن IL-12 لطالما شكّل أداة واعدة لإعادة تنشيط المناعة، إلا أن إعطاؤه بشكل مباشر يسبب سمّية خطيرة. والحل الجديد جاء عبر توصيل IL-12 بدقة إلى الورم عبر ربطه بمثبط PD-L1، بحيث يُطلق في المنطقة التي ترفع الأورام فيها مستويات هذا البروتين بشكل طبيعي عند مواجهة خلايا مناعية.
بهذه الطريقة، ضمن الباحثون وصول IL-12 مباشرة إلى الورم مع تحييد الأضرار الجانبية، وجعلوا البيئة المحيطة أكثر ملاءمة للهجوم المناعي. وقد أظهرت اختبارات الفريق على الفئران أن النهج لا يوسع قدرة الخلايا التائية على اختراق الأورام فحسب، بل يحد أيضًا من السمية في الأنسجة السليمة، ما يجعل نقله إلى المرضى هدفًا قابلاً للتحقق.
خطوة نحو التجارب السريرية
جون مراد، أستاذ مساعد في قسم الطب بجامعة USC والمؤلف الأول للدراسة، لخص الرؤية قائلًا: "نعتقد أن هذه الاستراتيجية الجديدة ستمنح دفعة قوية لعلاجات CAR T الحالية ويمكن أن تطبق على أنواع عدة من السرطان".
الفريق البحثي يطمح لنقل التقنية إلى التجارب السريرية في غضون عام إلى عامين. والأفق يتجاوز خلايا CAR T وحدها، إذ قد يساهم النهج في تحسين هندسة أنواع أخرى من الخلايا المناعية "المقاتلة" مثل الخلايا اللمفاوية المتسللة إلى الورم وخلايا T ذات مستقبلات T-cell receptor.