قراءة في الانتخابات التشريعية اليونانية وأين اليمين المتطرف من المشهد الجديد ؟

رئيس الوزراء اليوناني المنتخب كيرياكوس ميتسوتاكيس
رئيس الوزراء اليوناني المنتخب كيرياكوس ميتسوتاكيس Copyright رويترز
بقلم:  Hassan Refaei
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

حصول كلٌ من "الديموراطية الجديدة" المحافظ و"سيريزا" اليساري على نحو 70 بالمائة من الأصوات، يدلّل على أن المزاج العام في اليونان ينشد الاستقرار السياسي باعتباره بوابة الاستقرار الاقتصادي.

اعلان

عودةُ المحافظين المعارضين إلى السلطة في اليونان على حساب اليساريين، وفشلُ حزب "الفجر الذهبي" اليميني المتطرف في تجاوز عتبة الـ3 بالمائة التي تخوّله دخول البرلمان، وحصولُ حزب "حركة من أجل التغيير"، الذي يمثل تيار يسار الوسط على 7.9 في المئة من الأصوات، وحصولُ الحزب الشيوعي بنسبة 5.4 في المئة.

لعل تلكم هي أبرز نتائج الانتخابات العامّة المبكرة التي شهدتها اليونان يوم أمس الأحد والتي أنهت أربع سنوات من حكم اليساريين الذين يُلقى عليهم باللائمة في إثقال كاهل البلاد بمزيد من الديون وسوء إدارة الأزمات، ليُفتح بذلك الباب أمام برنامج المحافظين القائم على التغيير وزيادة الاستثمارات وتقليص الضرائب.

وأظهر إحصاء رسمي لوزارة الداخلية أن حزب الديمقراطية الجديدة المحافظ حقق تقدما بفارق كبير بحصوله على 39.6 في المائة من الأصوات مقابل 31.6 في المائة لصالح حزب سيريزا الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس بعد فرز 73 في المئة من الأصوات، علماً أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت نحو 57 في المائة، وهي واحدة من أدنى الأرقام منذ عقود.

تحقيق التوازن في اليونان

وتعطي النتائج أغلبية واضحة لحزب الديمقراطية الجديدة، حيث يحصل الفائز على 50 مقعدا إضافيا في البرلمان، ما يعني بأنه قادر على تشكيل الحكومة وقيادة البلاد خلال المرحلة القادمة التي من المتوقع أن يكون الاقتصاد عنوانها الرئيس والمحرك الأساس للتفاعلات الحزبية داخل البرلمان.

وقال رئيس الوزراء المنتخب كيرياكوس ميتسوتاكيس في كلمة بثها التلفزيون الليلة الماضية إن نتيجة الانتخابات منحته تفويضا قويا وواضحا من أجل تحقيق التغيير في اليونان.

وأضاف ميتسوتاكيس: "أنا ملتزم بتقليص الضرائب وتوفير استثمارات كثيرة ووظائف جيدة وجديدة ونمو يسمح بتحسين الأجور وزيادة المعاشات في دولة تتسم بالكفاءة".

تسيبراس: نقبل حكم الشعب

تسيبراس، وتعليقاً منه على نتائج الانتخابات أكد احترامه لرغبة الشعب اليوناني، مشيراً إلى أنه اتصل بميتسوتاكيس لحظة أن توضّحت نتائج الانتخابات لتهنئته بالفوز.

وينتمي تسيبراس إلى حزب سيريزا اليساري، ويبلغ من العمر 44 عاما شق طريقه إلى السلطة في عام 2015 متعهدا بالتخلي عن خطة التقشف، غير أنه تراجع عن موقفه بعد أسابيع، وواجه تسيبراس انتقادات حادة أيضا تتعلق بسوء إدارة الأزمات ولإبرام اتفاق أثار استياء الرأي العام لإنهاء نزاع مع مقدونيا الشمالية المجاورة بشأن اسمها الرسمي.

وقال تسيبراس للصحفيين: "اليوم، نقبل حكم الشعب برأس مرفوع. لكي نأتي باليونان إلى ما هو عليه الآن، كان علينا اتخاذ قرارات صعبة بتكلفة سياسية باهظة".

وكانت اليونان تعرّضت لأزمة مالية طاحنة منذ عام 2010 احتاجت معها إلى دعم مالي من شركائها في الاتحاد الأوروبي ثلاث مرات،

الديون والسياسة المالية

ينصب التركيز حاليا حول اختيارات ميتسوتاكيس للحقائب الوزارية الاقتصادية وهي المالية والطاقة والتنمية، فضلا عن الخارجية. وخلال حملته الانتخابية حرص ميتسوتاكيس على الكتمان بشأن من سيختارهم لتلك المناصب، ومع استمرار تحدي الديون الذي يواجه اليونان فإن السياسة المالية للحكومة الجديدة ستكون محل مراقبة عن كثب.

ووعد حزب الديمقراطية الجديدة بالاستثمار في توفير فرص عمل بأجور جيدة ومزايا مقبولة، كما تعهد بتشديد القبضة الأمنية ضد الجريمة في بعض أحياء أثينا حيث تنشط الحركة المناهضة للمؤسسات بقوة.

للمزيد في "يورونيوز":

الفجر الذهبي

نتائج الانتخابات اليونانية بيّنت فشل حزب "الفجر الذهبي" اليميني المتطرف، في تحقيق الحد الأدنى من الأصوات، اللازم لدخول البرلمان وهو 3 في بالمائة، وذلك بفارق ضئيل حيث حصل على 2.95 في المئة من الأصوات، ويبدو أن فشل الحزب المذكور قد أعطى دفعة لحزب الحل اليوناني الذي يصطف إلى جانب "الفجر الذهبي" في أقصى اليمين غير أن "الحل اليوناني هو أقل تطرفاً وأكثر توازناً.

و"الفجر الذهبي" الذي تأسس في العام 1985 هو الحزب النازي الجديد، المناهض للهجرة والذي كان شكّل علامة فارقة في المشهد السياسي اليوناني من خلال تحوّله من مجموعة هامشية إلى ثالث أكبر حزب في اليونان خلال الأزمة الاقتصادية في البلاد.

وقبل بدء الانتخابات الأخيرة أيقن قادة الحزب أن نصيبهم بالفوز يتربط بـ"الصدفة" وليس بـ"السياق"، واعترف زعيم الحزب نيكوس ميهولوليكوس بذلك عندما أعلن في خطاب له أن "الفجر الذهبي لم ينته"، مهاجماً كلاً من رئيس الوزراء المنتهية ولايته وخليفته المحافظ.

دروس مستخلصة

تشير نتائج الانتخابات العامة في اليونان، إلى وجود حالة سياسية متوازنة في البلاد، تعكس حالة من الشعور بالاستقرار الاقتصادي النسبي والنزوع باتجاه استثمار هذا الاستقرار لناحية رفع مستوى المعيشة وتعزيز معدلات النمو.

حصول كلٌ من "الديمراطية الجديدة" و"سيريزا" اليساري على نحو 70 بالمائة من الأصوات، يدلل على أن المزاج العام في اليونان ينشد الاستقرار السياسي باعتباره بوابة الاستقرار الاقتصادي.

اعلان

الفشل الذريع لحزب "الفجر الذهبي" ينظر إليه بعض المراقبين على اعتبار أنّه أولى حلقات التراجع للأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا والتي اتكأت على قضية الهجرة في تعزيز صفوفها خلال الفترة الماضية.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

مقتل 6 مواطنين أجانب وإصابة العشرات جراء العواصف والرياح العاتية باليونان

تسيبراس يدعو إلى انتخابات مبكرة باليونان بعد خسارة الحزب الحاكم في الانتخابات الأوروبية

برلمان اليونان يصادق على اتفاقٍ "تاريخيّ" بشأن تغيير اسم مقدونيا