أفاد مختبر البحوث الإنسانية في تقريره الصادر الخميس بوجود اضطرابات أرضية "علامات حفر حديث"، في موقعين على الأقل في الفاشر، تتوافق مع وجود مقابر جماعية، أحدهما بالقرب من مستشفى سابق والآخر قرب مسجد.
أظهرت صور بالأقمار الصناعية وجود مؤشرات على "مقابر جماعية" وأنشطة متعلقة بـ"التخلّص من الجثث" في مدينة الفاشر بشمال إقليم دارفور في غرب السودان، بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة، وفق تقرير لمختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل الأميركية.
مجازر واغتصاب ونهب ونزوح جماعي
بعد سيطرة الدعم السريع على الفاشر، آخر المعاقل الرئيسية للجيش السوداني في دارفور، أفادت الأمم المتحدة بوقوع مجازر وعمليات اغتصاب ونهب واسعة، بالإضافة إلى نزوح جماعي للسكان.
وأكدت شهادات عدة، مدعومة بمقاطع مصورة نشرتها قوات الدعم على مواقع التواصل الاجتماعي، وقوع فظائع واسعة في المدينة التي انقطعت عنها الاتصالات بشكل كامل.
تقرير جامعة ييل: دلائل مقلقة على الانتهاكات
وأفاد مختبر البحوث الإنسانية في تقريره الصادر الخميس بوجود اضطرابات أرضية "عمليات حفر حديثة للتربة" في موقعين على الأقل في الفاشر، تتوافق مع وجود مقابر جماعية، أحدهما بالقرب من مستشفى سابق والآخر قرب مسجد. وأوضح التقرير أن صور الأقمار الصناعية أظهرت ما لا يقل عن 34 مجموعة من الأجسام التي يُرجح أنها جثث.
وأشار التقرير إلى وجود خنادق واختفاء أكوام من الأجسام التي تم تحديدها سابقًا خارج مستشفى للولادة، "تستخدمه قوات الدعم السريع حاليا كموقع احتجاز".
كما كشف عن "خندق يبلغ طوله حوالى 7 أمتار وعرضه 4 أمتار" بالقرب من مسجد في حي الدرجة الأولى بالفاشر، قرب المستشفى السعودي، حيث تحدثت منظمة الصحة العالمية عن مقتل 450 من المرضى والطواقم الطبية.
كما أفاد التقرير بوجود أدلة على إعدامات ميدانية جماعية بالقرب من الحاجز الترابي الذي أقامته قوات الدعم السريع أثناء حصار المدينة لأكثر من عام.
تحذيرات دولية: جرائم حرب محتملة
أعرب مكتب الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية يوم الاثنين 3 تشرين الأول/نوفمبر عن "بالغ القلق والانزعاج العميق" إزاء التقارير الواردة من مدينة الفاشر في إقليم دارفور، والتي تتحدث عن عمليات قتل جماعي واغتصاب وجرائم أخرى يُعتقد أنها ارتُكبت خلال هجمات نفذتها قوات الدعم السريع.
وقال المكتب في بيان إنّ هذه الانتهاكات تأتي ضمن "نمط أوسع من العنف" الذي اجتاح دارفور منذ نيسان/أبريل 2023، مشيرًا إلى أنّ هذه الأفعال، إذا ثبتت صحتها، قد تُعتبر جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي.
وأعلنت المنظمة الدولية للهجرة أنّ أكثر من 36 ألف مدني سوداني اضطروا إلى الفرار من بلدات وقرى في ولاية شمال كردفان خلال أسبوع واحد، عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر في إقليم دارفور المجاور.
وأوضحت المنظمة التابعة للأمم المتحدة أنّ 36825 شخصاً نزحوا بين 26 و31 تشرين الأول/أكتوبر، تاركين خلفهم منازلهم ومواردهم في ظل تصاعد المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.
البرهان يتوعد
وفي وقت سابق اليوم تعهّد رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بأنّ الجيش السوداني سيواصل القتال حتى تأمين كامل حدود البلاد، مؤكدًا أنّ "الحملة التي تقودها دول البغي والاستكبار ضدنا ستنكسر"، وأنّ "الشعب السوداني سينتصر في النهاية"، في إشارة إلى الدول التي تدعم قوات الدعم السريع
جاء ذلك خلال اجتماع عقده البرهان مع قيادات الوحدات الميدانية المتنقلة، حيث شدّد على أنّ الجيش عازم على "هزيمة الميليشيا المتمرّدة"، التي تخوض مواجهات دامية مع القوات المسلحة منذ أكثر من عام ونصف.
وقال البرهان: "من يقاتل باسم الشعب لا يُهزم، وسنمضي نحو نصر قريب ووشيك."
دعوات لتدخل دولي
وبعد إعلان قوات الدعم السريع السيطرة على الفاشر، طالب رئيس وزراء السودان، كامل إدريس، المنظمات الدولية بالتدخل العاجل لحماية المدنيين والكشف عن مصير النازحين، واصفًا الأحداث في المدينة بأنها "جرائم حرب وتطهير على أساس عرقي". وفي السياق ذاته، دعا حاكم إقليم دارفور، مني مناوي، إلى حماية المدنيين وإجراء "تحقيق مستقل في الانتهاكات"، مؤكدًا أن "كل شبر من أرض السودان سيعود لأهله".
كما اتهمت شبكة أطباء السودان قوات الدعم السريع بتصفية عشرات المدنيين على أساس إثني، ووصفت الحوادث بأنها "مجزرة بشعة"، كما نُهبت المستشفيات والمرافق الطبية والصيدليات. ودعت الشبكة الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي للتدخل الفوري، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، وضمان حماية المدنيين.