قال البرهان: "من يقاتل باسم الشعب لا يُهزم، وسنمضي نحو نصر قريب ووشيك".
تعهّد رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بأنّ الجيش السوداني سيواصل القتال حتى تأمين كامل حدود البلاد، مؤكدًا أنّ "الحملة التي تقودها دول البغي والاستكبار ضدنا ستنكسر"، وأنّ "الشعب السوداني سينتصر في النهاية"، في إشارة إلى الدول التي تدعم قوات الدعم السريع
جاء ذلك خلال اجتماع عقده البرهان مع قيادات الوحدات الميدانية المتنقلة، حيث شدّد على أنّ الجيش عازم على "هزيمة الميليشيا المتمرّدة"، التي تخوض مواجهات دامية مع القوات المسلحة منذ أكثر من عام ونصف.
وقال البرهان: "من يقاتل باسم الشعب لا يُهزم، وسنمضي نحو نصر قريب ووشيك."
وتأتي تصريحات البرهان بعد أيام من سقوط مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور، بيد قوات الدعم السريع، في تطوّر يُعدّ ضربة قوية للمؤسسة العسكرية.
تشابك المحاور الإقليمية والدولية في حرب السودان
بينما تواصل نيران الحرب التهام السودان بعد سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع، تتزايد المؤشرات على تشابك المصالح الإقليمية والدولية في هذا النزاع.
ويشير مراقبون إلى أن البرهان، بعبارته "الدول المتغطرسة والظالمة"، يقصد القوى الإقليمية التي يتهمها بدعم قوات الدعم السريع وإطالة أمد النزاع في السودان.
وتأتي الإمارات في مقدمة هذه الدول، وفق اتهامات متكررة لمسؤولين سودانيين، الذين يزعمون أن أبوظبي تمدّ قوات الدعم السريع بالأسلحة والطائرات المسيّرة عبر الأراضي التشادية، وهو ما تنفيه الإمارات رسميًا.
كما تُتهم تشاد بتوفير ممرات لوجستية لهذه الإمدادات، فيما يُشتبه في أن الجنرال الليبي خليفة حفتر يقدم دعمًا عسكريًا للميليشيا عبر تهريب الأسلحة والمقاتلين إلى دارفور.
ويُعتقد أن كلًّا من إريتريا وإثيوبيا تربطهما مصالح متشابكة مع قوات الدعم السريع، في إطار نزاعات إقليمية وحدودية قائمة.
معسكر داعمي الجيش السوداني
في المقابل، يحظى الجيش السوداني بقيادة البرهان بدعم إقليمي ودولي متنوّع. وتُعدّ مصر الداعم التاريخي للجيش، إذ تربطها به مصالح استراتيجية تتعلق بأمن الحدود وموقفها من سد النهضة الإثيوبي.
كما تسعى روسيا إلى توسيع نفوذها في البحر الأحمر عبر مشروع إنشاء قاعدة بحرية في بورتسودان، مقابل تقديم دعم عسكري للجيش السوداني. وتقف أوكرانيا في المعسكر ذاته، نظرًا لعدائها لقوات الدعم السريع المرتبطة بمجموعة "فاغنر" الروسية.
من جهتها، زوّدت تركيا الجيش بطائرات مسيّرة من طراز "بيرقدار"، بينما قدّمت قطر دعمًا سياسيًا للفصائل الإسلامية القريبة من الجيش. أما إيران، فقد عادت بقوة إلى المشهد السوداني من خلال تزويد الجيش بطائرات مسيّرة من طراز "مهاجر-6"، في محاولة لاستعادة مواقع استراتيجية خسرها أمام قوات الدعم السريع.
كما دخلت الجزائر على خط الأزمة، عارضةً تزويد الجيش بطائرات مقاتلة، ردًا على ما تعتبره تدخلًا إماراتيًا مباشرًا في الصراع. وفي الجنوب، يعمل جنوب السودان على تنسيق أمني مع الخرطوم لحماية حدوده وضمان استمرار تدفق صادرات النفط عبر الأراضي السودانية.
وعلى الصعيد الدولي، تواصل الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية لإرساء نظام مدني ديمقراطي في السودان، مع فرض عقوبات على الأفراد والشركات التي تموّل الحرب، ومتابعة التحركات الروسية والإماراتية عن كثب. كما تولي واشنطن اهتمامًا متزايدًا بأمن البحر الأحمر ومنع تمدد الجماعات المتطرفة في المنطقة. أما إسرائيل، فتسعى إلى توظيف علاقتها مع البرهان ضمن مسار التطبيع مقابل دعم سياسي وعسكري.
ووفق تقارير إعلامية إسرائيلية، فقد أرسل البرهان في أبريل الماضي مبعوثًا خاصًا إلى تل أبيب لعرض التعاون الكامل مع إسرائيل، بعد فشل مساعيه في الحصول على دعم مباشر منها.
سقوط الفاشر ومجازر جديدة
وفق تقارير ميدانية، شهدت الفاشر انتهاكات واسعة ومجازر بحق المدنيين، تسببت في نزوح آلاف العائلات نحو مناطق أكثر أمانًا شمال وغرب دارفور.
وفي موازاة التصعيد العسكري، حذّرت منظمة العفو الدولية من أن السودان يشهد اليوم "أكبر أزمة إنسانية في العالم"، واصفة ما يجري بأنه "مروّع إلى حدّ يصعب وصفه بالكلمات".
وقالت المنظمة في تقريرها الأخير إن عشرات الآلاف من المدنيين قُتلوا منذ اندلاع الحرب في أبريل/نيسان 2023، بينما أُجبر أكثر من 12 مليون شخص على النزوح داخليًا وخارجيًا، بينهم 14 مليون طفل يحتاجون إلى مساعدات عاجلة للبقاء على قيد الحياة.