نقلت صحيفة يديعوت عن تقديرات الجيش الإسرائيلي تأكيدها أنه "مقابل كل منصة صواريخ يصادرها الجيش اللبناني من حزب الله، هناك منصة أخرى يجري تحويلها في البقاع إلى منصة لإطلاق صواريخ دقيقة".
كشف تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن "الجيش الإسرائيلي يقترب من تنفيذ عملية محدودة ضدّ حزب الله في الساحة اللبنانية، في ظلّ تقديرات متزايدة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بأن الحزب أعاد تنظيم قدراته الهجومية قرب الحدود، وبات جاهزا لجولة جديدة من التصعيد".
وبحسب التقرير، تتركّز الخطة الإسرائيلية على سلسلة من الضربات الجوية التي تستهدف مصانع إنتاج السلاح داخل لبنان، وخصوصًا في البقاع وبيروت، وهي منشآت تقع تحت الأرض أو بين الأبنية السكنية وتضمّ تجهيزات لتحويل الصواريخ غير الدقيقة إلى صواريخ دقيقة عبر تبديل رؤوسها الحربية.
ولفت التقرير الى أن "التقديرات الإسرائيلية تشي إلى أنّ حزب الله يحتفظ بعشرات الآلاف من هذه الصواريخ، إضافة إلى آلاف الطائرات المسيّرة والهجومية التي أنتجها منذ نهاية الحرب".
عودة "وحدة رضوان"
وقالت يديعوت أحرونوت إنّ وحدة الرضوان التابعة لحزب الله استعادت قدرتها على العمل قرب الحدود. وبرغم أنّ هذا الظهور لا يمثّل عودة كاملة إلى قواعد الانطلاق الهجومية القديمة التي كانت قائمة على خطوط التماس، فإنّ عناصر الوحدة باتوا يتحركون من جديد في المنطقة الممتدة بين نهر الليطاني والحدود، وفي بلدات كبيرة مثل النبطية، ما يعزّز المخاوف الإسرائيلية من تحضيرات لعمليات مستقبلية.
وذكّر التقرير أنّ الجيش الإسرائيلي لا يزال يحتفظ بخمسة مواقع عسكرية على طول خط الحدود مع لبنان، الممتدّ نحو 135 كيلومترًا بين مزارع شبعا وروش هنكرا. وتقع هذه المواقع مباشرة على خطّ التماس، وعلى مسافة تتراوح بين 500 و1000 متر من السياج الحدودي.
وقالت الصحيفة إنّ المناقشات التي كانت تُجرى حول ترتيبات أمنية جديدة استندت إلى القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية قبل نحو ستة أشهر بنزع سلاح حزب الله، إلا أنّ الجيش الإسرائيلي اكتشف مع مرور الوقت أنّ المهمة أكبر من قدرة الجيش اللبناني الذي ينفّذها ببطء شديد.
ونقلت يديعوت عن تقديرات الجيش الإسرائيلي تأكيدها أنه "مقابل كل منصة صواريخ يصادرها الجيش اللبناني من حزب الله، هناك منصة أخرى يجري تحويلها في سهل البقاع إلى منصة لإطلاق صواريخ دقيقة".
قلق إسرائيلي من الساحة السورية
ومن الساحة اللبنانية، ينتقل التقرير إلى الساحة السورية وما تحمله من تطورات مقلقة لإسرائيل.
وكشفت يديعوت أحرونوت أنّ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تخشى من أن تضغط واشنطن على حكومة بنيامين نتنياهو للقبول بتقديم تنازل يتعلق بقمة جبل الشيخ السورية، خصوصًا بعد الاستقبال اللافت الذي حظي به الرئيس السوري الإنتقالي أحمد الشرع في البيت الأبيض، وهو استقبال تعتبره إسرائيل سابقة غير مسبوقة. وتقول الصحيفة إنّ هذه المخاوف تترافق مع قلق آخر يتعلق برغبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تزويد سوريا بأسلحة متطورة.
وأشار التقرير إلى أنّ الاستعدادات الإسرائيلية على قمة جبل الشيخ مستمرة، حيث تعمل جرافات ومعدات هندسية على الصعود في الطريق المعبّد نحو ارتفاع 2800 متر فوق القمة المغطاة بالثلوج، وهو طريق كان تحت سيطرة جيش بشار الأسد قبل عام. ويقوم مقاولون إسرائيليون بإعادة ترميم موقعين عسكريين هما “مزودا” و“كتر حرمون”، استعدادًا لفصل الشتاء المقبل، الذي ترى القيادة العسكرية الإسرائيلية أنّه لن يكون آخر شتاء للجيش الإسرائيلي هناك. إلا أنّ واشنطن ودمشق، بحسب التقرير، قد تكون لهما رؤية مختلفة حول مستقبل الوجود الإسرائيلي في هذا الموقع، خصوصًا بعد اللقاء الذي جمع الشرع بالرئيس دونالد ترامب.
وأوضحت الصحيفة أنّ المحادثات التي جرت خلال الأشهر الماضية بين ممثلين عن حكومة نتنياهو وممثلين عن الحكومة السورية لم تحقق تقدمًا، رغم أنّ الهدف منها هو صياغة اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، بديلًا عن الاتفاق الذي بقي قائمًا بين نظام الأسد الأب والابن منذ عام 1974 وحتى سقوطه.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الحديث لا يتعلّق باتفاق سلام أو تطبيع، بل بترتيبات قد تُفرض على إسرائيل من جانب واشنطن، تمامًا كما فُرض اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس في قطاع غزة.
الأهمية الاستراتيجية لجبل الشيخ
ونقلت الصحيفة عن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تحذيرها من التخلي عن قمة جبل الشيخ السورية، التي تُعدّ نقطة استراتيجية تمنح إسرائيل قدرة على مراقبة كلّ التحركات العسكرية في المنطقة.
كما تسمح القمّة بمراقبة مسارات تهريب السلاح من سوريا إلى لبنان لصالح حزب الله، وهي مسارات ارتفعت وتيرتها مؤخرًا، ما يدفع الجيش الإسرائيلي إلى تكثيف جهوده لاعتراضها، وفق ما جاء في التقرير.
وقالت يديعوت أحرونوت إنّ أكثر ما يثير القلق داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هو التقارب المتزايد بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي بات يشكل قناة تأثير مباشرة على علاقة الشرع بالإدارة الأمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ تركيا زوّدت القوات السورية خلال العام الماضي بأسلحة خفيفة، وتخشى إسرائيل أن يتطور هذا الدعم ليشمل أسلحة ثقيلة ومنظومات دفاع جوي مثل “إس 400”، التي ستحدّ بشكل كبير من حركة سلاح الجو الإسرائيلي في الشمال.