حذّر الاتحاد الأوروبي من أنه "لا يمكنه التراجع" عن أهدافه في مجال المناخ والاستدامة، بعد أن كشفت تقديرات حديثة عن الحجم الفعلي للأضرار الناجمة عن الأحوال الجوية القاسية.
واحتسب تقرير صادر عن الوكالة الأوروبية للبيئة (EEA) متوسط الخسائر الاقتصادية السنوية الناتجة عن الظواهر المرتبطة بالمناخ، مثل موجات الحرارة الشديدة، الفيضانات، والجفاف، خلال الفترة من 1980 حتى 2023.
وأشار التقرير إلى أن تفاقم التأثيرات المناخية قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي بنسبة 7% بحلول نهاية القرن، مع تكبد خسائر تقدر بنحو 2.4 تريليون يورو في الفترة بين 2031 و2050 إذا تجاوز الاحترار العالمي 1.5 درجة مئوية.
تكلفة الطقس المتطرف
وفقًا للبحث، بلغ متوسط التكلفة السنوية للأحداث المناخية المتطرفة في الاتحاد الأوروبي حوالي 8.5 مليار يورو بين 1980 و1989، قبل أن ترتفع إلى 14 مليار يورو في الفترة من 1990 إلى 1999، ثم إلى 17.8 مليار يورو بين 2010 و2019.
وفي الفترة من 2020 إلى 2023، سجلت التكلفة السنوية أعلى مستوياتها على الإطلاق، إذ بلغت 44.5 مليار يورو.
ويعني ذلك أن متوسط الخسائر الاقتصادية السنوية المرتبطة بالظواهر المناخية المتطرفة خلال 2020-2023 كان أعلى بنحو 2.5 مرة مقارنة بالعقد السابق 2010-2019.
وجاءت أكبر الخسائر من فيضانات عام 2021 في بلجيكا وألمانيا وهولندا، والتي يُقدّر أن أضرارها تجاوزت 40 مليار يورو. وفي عام 2023، تسببت الفيضانات في سلوفينيا بخسائر تعادل 16% من ناتجها المحلي الإجمالي.
ويخلص التقرير إلى أن المناطق الأكثر عرضة للخطر تشمل جنوب أوروبا، المناطق الساحلية المنخفضة، وبعض المناطق الخارجية للاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى "تسريع" الوصول إلى أهدافه المناخية لمواجهة هذه المخاطر.
على الاتحاد الأوروبي التحرك سريعًا
تقول تيريزا ريبيرا، نائبة الرئيس التنفيذي لشؤون الانتقال النظيف والعادل والتنافسي في الوكالة الأوروبية للبيئة، إن نتائج التقرير تمثل "تذكيرًا صارخًا" بضرورة أن تبقى أوروبا على المسار الصحيح وتسارع من تنفيذ طموحاتها المناخية والبيئية.
وتضيف: "تُظهر الأحداث المناخية القاسية الأخيرة مدى هشاشة ازدهارنا وأمننا عندما تتدهور الطبيعة وتشتد التأثيرات المناخية".
وتؤكد ريبيرا: "حماية الطبيعة ليست تكلفة، بل استثمار في القدرة التنافسية والمرونة ورفاهية المواطنين".
خسائر بقيمة 126 مليار يورو بحلول عام 2029
يحذر الباحثون من أن تكلفة الأحوال الجوية القاسية في أوروبا ستتفاقم، مما قد يؤدي إلى خسائر تصل قيمتها إلى 126 مليار يورو في اقتصاد الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2029 إذا لم تطرأ تغييرات.
وفي الشهر الماضي، كشفت دراسة قادها الدكتور سهريش عثمان من جامعة مانهايم بالتعاون مع اقتصاديي البنك المركزي الأوروبي أن الأحداث المناخية المتطرفة، مثل موجات الحر والفيضانات والجفاف، أثرت على ربع مناطق الاتحاد الأوروبي هذا الصيف.
وتسببت هذه الأحداث في خسائر اقتصادية قصيرة المدى لا تقل عن 43 مليار يورو هذا العام، ما يعادل 0.26 في المئة من الناتج الاقتصادي للاتحاد الأوروبي في 2024.
ويشرح عثمان أن "التكلفة الحقيقية" للطقس المتطرف "تظهر ببطء"، لأنها تؤثر على حياة الناس عبر "مجموعة واسعة من الطرق تتجاوز التأثيرات المباشرة".
وكانت الدول الأوروبية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط، الأكثر تكبدًا للخسائر الاقتصادية، نظرًا لارتفاع مخاطر الجفاف ودرجات الحرارة الشديدة فيها.
وعانت إيطاليا من أكبر تراجع اقتصادي في الدراسة، مع خسائر متوقعة تتجاوز 11 مليار يورو في 2025، ومن المتوقع أن تصل إلى 34.2 مليار يورو بحلول 2029. تلتها فرنسا بخسائر 10.1 مليار يورو و33.9 مليار يورو على التوالي.