البوسنة بإنتظار إزالة ألغام الحرب

البوسنة بإنتظار إزالة ألغام الحرب
بقلم:  Hans von der Brelie
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button

في البوسنة ، الفيضانات جرفت الألغام الى اماكن مجهولة حتى باتت فخاخا قاتلة تتفجر في اية لحظة.
علاء الدين أحد ضحايا هذه الألغام، انه لا يخشى نظرات الآخرين، طرفه الصناعي الإحتياطي في متناول اليد على الدوام، يحمله حين يذهب مسرعاً لزيارة ضحية من ضحايا الألغام في البوسنة. هو ايضاً يعيش بساق واحدة بسبب انفجار لغم قبل بضع سنوات، انه يحاول إقناع ضحايا الألغام بضرورة عدم فقدان الأمل …

علاء الدين ، يقول:
“بمجرد أن اسمع عن ضحية جديدة من ضحايا الألغام، أسرع إلى سيارتي واذهب إلى المستشفى لدعم الأسرة. وإن لم تكن لديها أسرة، دوري هو مساعدة
الضحية مباشرة على التعامل مع الصدمة. بعد الخروج من المستشفى، اذهب لزيارة الشخص الضحية الى المنزل كلما دعت الحاجة “.

نرافق علاء الدين لزيارة ميرنس، في القرية الصغيرة سلوبله. هذا الشاب في الثامنة عشرة من العمر تمكن من إستخدام ذراعيه مجدداً،
انها اشبه بمعجزة. فقد تعرض لإنفجار لغم في شهر كانون الثاني الماضي بينما كان مع ابن عمه في غابة قريبة لجلب الحطب.

ميرنس نيسك، يقول:
“كان هناك انفجار كبير . في البداية اعتقدنا أن سلسلة المنشار انفجرت، لم يكن هذا هو ما حدث، فقدت الوعي، وبعد حوالي 10 الى 15 دقيقة،
أدركت ما حدث فعلا: انه لغم أرضي! “

والدته فاطمة تتذكر تفاصيل هذا اليوم الحزين:
“ بينما كنت أعمل في حقل الذرة، سمعت إنفجاراً. اعتقدت أن الحيوانات سارت على لغم أرضي … هذا يحدث في بعض الأحيان ..لهذا، الجميع يعرف هذا الصوت
… حين عدت الى المنزل ، دعوت أختي وأمي على فنجان قهوة، قلت لهما إنني سمعت انفجار لغم أرضي . “

ضحية اللغم ابنها ميرنس الذي جرح في ذراعيه، وابن عمة في ساقيه. فلم يتمكن من مساعدته. الشعور بالعجز يلازمه حتى اليوم.

ميرنس ، يقول:
“ابن عمي طلب مني ان أضع ضمادة على ساقيه لإيقاف النزف، لكن إصابة ذراعي كانت شديدة. لم أتمكن من استخدامها. توسل، طلب مني أن لا أتركه وحيداً حتى وصول فريق الانقاذ . الحرب انتهت منذ حوالي عقدين والألغام هنا، وقد تقتلنا في أي لحظة “!

بعد ساعات ، إبن عمه توفي في المستشفى.
اما ميرنس فقد تمت زراعة جزء من عضلة ساقه في ذراعه.
اليوم، يحاول أن ينظر إلى الأمام، يريد أن يحصل على رخصة قيادة.
يريد أن يصبح تقنياً. زيارة علاء الدين فرصة لإلقاء نظرة على سيارة الذي وقف معه منذ وقوع المأساة.
مدير المنظمة غير الحكومية، “مبادرات الناجين من الألغام الأرضية” في توزلا ،يقول إن إزالة الألغام في البوسنة في الوقت المناسب قد لا يكون ممكناً.

أمير موجانوفيج ، المدير التنفيذي لمبادرات الناجين من الألغام الأرضية، يقول:
“ البوسنة تواجه تحديات هائلة لتصبح دولة خالية من الألغام بحلول عام 2019 وفقاً للاستراتيجية القومية لإزالة الألغام … هناك عجزكبير في التمويل المقدم من
المصادر الوطنية والمحلية. مثلاً، في العام الماضي ، المصادر الوطنية لم تقدم سوى ربع التمويل المقرر . “

الوضع أصبح أسوأ : فالفيضانات والانهيارات الأرضية في شمال شرق البوسنة، جرفت الألغام، المنطقة اصبحت الأكثر مصابة بالألغام في أوروبا . بعد مرور 19 عاماَ على نهاية الحرب، الأطلال تشير إلى خط المواجهة السابق . تم تشييد بعض المباني، بيد أن الألغام لا تزال في كل مكان . في كوفاجيج ، التقينا بأبطال البوسنة اليوم : انهم خبراء إزالة الألغام .
رجال يتعرضون لخطر الموت في كل ثانية. ما يقارب من 200 الف لغم أرضي لا تزال مزروعة في الأراضي البوسنية. انها مهمة شاقة.

سانجين ماتكوفيج ، مزيل ألغام، يقول: “أحب مساعدة الناس على العودة إلى ديارهم التي كانوا يعيشون فيها قبل الحرب . السبب الآخر هو الحاجة إلى عمل ، لم تكن هناك فرصة أخرى .” منذ نهاية الحرب،1700 شخصاً قتلوا أو أصيبوا من جراء الألغام أو الذخائر غير المنفجرة في البلد.
هنا، تم الكشف عن وجود معدن. الخوف ساد في اجساد الجميع، انه انذار كاذب، فالأمر يتعلق بقطعة معدنية صدئة .

في الربيع الماضي، الأنهيارات الأرضية غيرت المشهد البوسني، البعض منها أثرت على حقول الألغام .

دوسكو سكبينا ، قائد الفريق، برو فيتا، يقول:
“في السابق، هنا، كان يوجد حقل يعمل فيه الناس لإنتاج القش، الآن، بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية، حقول ألغام خط المواجهة السابق في الأعلى
إنتقلت إلى الأسفل. الألغام اصبحت قريبة من هنا. “

قبل الحرب، 160 أسرة كانت تعيش هنا في كوفاجيج، القرية التي وجدت نفسها في قلب الصراع. حوالي 18 عائلة فقط
عادت الى هنا، من بينها: عائلة ستويان. هو ايضاً يتذكر حين كيف كاد يموت بينما كان يقطع الخشب .

ستويان ستويانوفيتش، يقول:
“ جلست لإستريح قليلاً وادخن . سيجارتي سقطت، أنحنيت لألتقاطها فرأيت شيئا له لون أخضر غريب، تساءلت ، ما هذا ؟ أزلت الأوراق: انه لغم أرضي … وجدت الألغام أربع مرات … أربع مرات . “

في سراييفو، توجهنا إلى وكالة الدولة المسؤولة عن تنسيق أنشطة إزالة الألغام. شركات هذا القطاع تتهم مدير الوكالة بالرشوة والابتزاز. يقال إنه ياخذ عشرة
في المئة من عقود بعض الشركات، نائبه وافق على التحدث معنا:

اهدين أوراخوفاتش، نائب مدير BHMAC ، يقول:
“اننا تحت ضغط شديد منذ أن تم القبض على مديرنا. الأمر لا يبعث على السرور. لكنني أتفق معك، الفساد سحابة داكنة تحيط بنا.”

بينما المدعي العام يحاول الرؤية بوضوح وسط هذه الظلمات. تحدثنا مع ستويان. فالسكان غاضبون، لأنهم يعيشون تحت تهديد الموت. يقول إنها ليست فضيحة
فساد واحدة. هناك حوالي الف وثلاثمائة كيلومتر مربع من المناطق التي لا تزال مزروعة بالألغام.

ستويان ستويانوفيتش، يقول: “أنا شخصيا شهدت حادثتين: الحادث الأول حصل لإب وابنه حين ذهبا لقطع الخشب. اللغم قتل الأب، والإبن أصيب بجروح خطيرة… الحادث الثاني، ثلاثة من أصدقائي ذهبوا للبحث عن الفطر: أحدهما داس على لغم أرضي، وتوفي على الفور . “ خلف منزل ستويان ، الباحثون يواصلون عمليات البحث عن الألغام بمساعدة كلاب متخصصة.
في البوسنة، نقص التمويل إدى إلى حالة عبثية: حالياً، عدد مزيلي الألغام لا يتجاوز الخمسمئة وهناك أكثر من ألف ممهم بلا عمل. ما أسباب عدم توظيف هذه القوة العاملة المؤهلة لإسراع وتيرة إزالة الألغام في البلاد ؟ الحزن يخيم على الفريق فهناك الكثير من الذين قتلوا اثناء القيام بواجبهم .

مزيل الألغام زيليكو بليفالجيج ، يقول:
“ فقدت صديقا: زميل يعمل معي. لدي العديد من الأصدقاء الذين نجوا لكن إصابتهم شديدة بسبب انفجار الألغام. فقدوا القدرة على الحركة منذ الحادث.”

قائمة الضحايا طويلة . في النصف الأول من هذا العام اضيف إليها 14 ضحية.
هذه الفخاخ المخبأة في غابات البوسنة ستستمر في قتل المدنيين ومزيلي الألغام وحتى الأطفال.

Bonus interview: Amir Mujanovic, executive director of Landmine Survivors Initiative
من المقرر إزالة الألغام في البوسنة والهرسك بحلول عام 2019. أمير موجانوفيج، مدير “مبادرات الناجين من الألغام الأرضية“، منظمة غير حكومية مقرها في توزلا، يوضح العقبات التي تواجهها بلاده لتحقيق هذا. للإستماع إلى جزء من المقابلة في” اللغة الإنجليزية“، الرجاء الضغط على الرابط أدناه .

Bonus interview: Ahdin Orahovac, deputy director of Bosnia’s Mine Action Centre
البوسنة والهرسك تواجه صعوبات كبيرة في حملتها للقضاء على الألغام الأرضية. ما هي؟ في سراييفو، أهدين أوراخوفاتش، نائب مدير وكالة الدولة المسؤولة عن إزالة الألغام BHMAC، يجيب على السؤال . للاستماع إلى المقابلة كاملة في اللغة الإنجليزية، الرجاء الضغط على الرابط أدناه.

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

العمال غير المرئيين: ظروف قاسية واستغلال واعتداءات وعقوبات

شاهد: أبشع كنيسة في مدينة بورسغرون جنوب النرويج

بولندا لن تتخلص بسهولة من الفحم رغم التلوث الذي يقضي على 50 ألف شخص سنوياً فيها