منح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عفوًا رئاسيًا عن الناشط علاء عبد الفتاح إلى جانب عدد من السجناء، في خطوة أنهت سنوات من السجن والإضرابات عن الطعام التي أثارت ضغوطًا وانتقادات محلية ودولية.
أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قراراً بالعفو عن الناشط والمدون علاء عبد الفتاح (43 عاماً)، إلى جانب اشخاص آخرين، بعد سنوات من الاحتجاز والإضراب عن الطعام، جعلت من قضيته واحدة من أكثر القضايا تعقيداً وإثارة للجدل على الصعيدين المحلي والدولي.
وجاء في تقرير نشرته "بوابة الأهرام" أن القرار شمل "العفو عن باقي مدة العقوبة المقضي بها على عدد من المحكوم عليهم، بعد اتخاذ الإجراءات الدستورية والقانونية اللازمة"، مُشيراً إلى أن الخطوة جاءت "استجابة لمناشدة المجلس القومي لحقوق الإنسان".
العائلة: نكاد لا نصدق
من جتها أكدت عائلة عبد الفتاح الاثنين حصوله على عفو رئاسي بعد قضائه أكثر من خمس سنوات في السجون المصرية.
وقالت سناء سيف، أخت عبد الفتاح، في منشور على منصة إكس "لقد أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي عفوا عن أخي"، موضحة أن العائلة ستذهب للسجن للاستعلام عن موعد ومكان خروجه.
وأضافت "أكاد لا أصدق أننا سنستعيد حياتنا".
المستفيدين من العفو
وذكر الموقع أسماء المستفيدين من العفو وهم: سعيد مجلى الضو عليوة، كرم عبد السميع إسماعيل السعدني، ولاء جمال سعد محمد، علاء أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح حمد، محمد عبد الخالق عبد العزيز عبد اللطيف، ومنصور عبد الجابر علي عبد الرازق.
وكان المجلس القومي لحقوق الإنسان قد وجّه مناشدة رسمية للرئيس، بناءً على طلبات تقدمت بها أسر المحكوم عليهم، مُبرراً ذلك بـ"الظروف الأسرية الحرجة التي يمر بها ذووهم"، والتي قال إنها "ستمثل دافعاً معنوياً غاية في الأهمية لأسر المذكورين".
وبحسب المصادر الرسمية، فإن قرار العفو الخاص بشأن علاء عبد الفتاح جاء تنفيذاً لتوجيهات رئاسية صدرت في وقت سابق من الشهر الجاري، طلبت من الجهات المعنية دراسة ملفه تمهيداً للعفو عنه، في تطور لافت يأتي بعد شطب اسمه من القائمة الوطنية للإرهاب قبل أشهر.
ويعد علاء عبد الفتاح، الذي يحمل أيضاً الجنسية البريطانية منذ عام 2021 عبر والدته، أحد أبرز الرموز المعارضة في مصر خلال العقد الماضي، حيث أمضى جزءاً كبيراً من حياته البالغة رهن الاحتجاز بسبب نشاطه السياسي والمجتمعي، ليتحول إلى رمز نادر للمعارضة في ظل حملات القمع التي شهدتها البلاد منذ تولي السيسي السلطة.
وشهدت قضيته حملات ضغط محلية ودولية متواصلة، أبرزها خلال استضافة مصر لقمة المناخ "كوب27" في شرم الشيخ عام 2022، حيث تحوّل اسمه إلى قضية رأي عام عالمي، وطالبت منظمات حقوقية وحكومات غربية بالإفراج عنه، دون أن يتحقق ذلك إلا بعد التوجيه الرئاسي الأخير.
وينتمي عبد الفتاح إلى أسرة معروفة في الوسط الناشط والمثقف، حيث قادت والدته، الأكاديمية ليلى سويف، حملات مكثفة للمطالبة بالإفراج عنه، وصلت إلى حد إضرابها عن الطعام في بريطانيا لأسابيع طويلة، قبل أن تنهيه تحت ضغط عائلي بسبب تدهور وضعها الصحي. كما التقت برئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر مطلع العام الجاري، الذي تعهّد ببذل جهود شخصية للإفراج عن ابنها.
وسبق لعلاء عبد الفتاح أن اعتُقل قبل ثورة يناير 2011، ثم خلال الاضطرابات التي أعقبت سقوط نظام حسني مبارك. لكن أطول فترة سجن له بدأت بعد انتقاده للإجراءات الأمنية والسياسية التي اتخذتها السلطات عقب تولي السيسي الحكم.
ففي عام 2014، حُكم عليه بالسجن 15 عاماً بتهمة المشاركة في تظاهرة دون تصريح، خُفّف لاحقاً إلى خمس سنوات، وأُطلق سراحه في مارس 2019. إلا أن إفراجَه كان مشروطاً بقيود مراقبة، وسرعان ما أُعيد اعتقاله في سبتمبر من العام نفسه، بعد مشاركته منشوراً على وسائل التواصل الاجتماعي حول وفاة سجين، ليُحكم عليه لاحقاً بخمس سنوات إضافية بتهمة "نشر أخبار كاذبة".
وفي سبتمبر 2023، أطلقت والدته حملة جديدة للمطالبة بالإفراج عنه، مستندةً إلى أن فترة الحبس الاحتياطي التي قضاها تجاوزت الحد القانوني، فيما طالب الادعاء العام باستمرار احتجازه حتى يناير 2027.
ودخل علاء عبد الفتاح في إضرابات متعددة عن الطعام داخل السجن، آخرها في أوائل سبتمبر 2023، احتجاجاً على ظروف احتجازه، وتضامناً مع والدته، في خطوة لفتت انتباه المجتمع الدولي ووسّعت من دائرة الضغط على السلطات المصرية.