تقول مصادر إسرائيلية، وفق صحيفة "جيروزاليم بوست"، إن الجيش اللبناني شرع في عمليات نزع سلاح حزب الله، لكنها محدودة، ولا يزال "الطريق نحو تفكيك البنية الكاملة للجماعة طويلًا".
نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية عن مسؤولين في الاستخبارات الغربية، يوم الثلاثاء، قولهم إن حزب الله قد سرّع مؤخرًا وتيرة جهود إعادة الإعمار، وأنه "يعيد تسليح نفسه أسرع مما يقوم الجيش اللبناني بتفكيك أسلحته".
وأضاف هؤلاء المسؤولون أن الجماعة تزيد من ترسانة صواريخها، وتجند مقاتلين جدد في صفوفها، وتستعيد المواقع والقواعد التابعة لها، حيث تتركز معظم تلك الجهود شمال نهر الليطاني، وهي المنطقة التي لا ينص اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقع بين بيروت وتل أبيب في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي على جعلها منزوعة السلاح.
وتضيف الصحيفة، نقلًا عن مصادر إسرائيلية، أن الجيش اللبناني شرع في عمليات نزع سلاح حزب الله، لكنها محدودة، ولا يزال "الطريق نحو تفكيك البنية الكاملة طويلًا".
وكان مجلس الوزراء اللبناني، تحت ضغوط أمريكية، قد أقر مطلع أغسطس/آب الماضي خطة تكليف الجيش بوضع آلية تنفيذية لحصر السلاح بيد الدولة.
وفي مطلع سبتمبر/أيلول الجاري، عقدت الحكومة جلسة لمناقشة خمسة بنود، أبرزها خطة الجيش اللبناني لتنفيذ القرار، وسط أجواء مشحونة.
وانتهت الجلسة آنذاك بإعلان وصفه البعض بـ"الخجول"، إذ صرّح وزير الإعلام بول مرقص أن قائد الجيش رودولف هيكل عرض خطة حصر السلاح، مشيرًا إلى أن الوزراء "رحبوا بها"، لكنه أكد أن مداولات الخطة ستبقى سرية وسيتم تنفيذها على قدر الاستطاعة والإمكانات المتاحة للجيش.
تحذير برّاك
وفي وقت سابق من يوم الثلاثاء، حذّر مبعوث الرئيس الأمريكي ترامب، توم بارّاك، في منشور على منصّة "إكس" من أنه إذا فشل لبنان في نزع سلاح حزب الله، فمن المحتمل أن تشن إسرائيل هجومًا ضده.
وقال بارّاك في منشور طويل: "إذا استمرت بيروت في التردد، فقد تتصرف إسرائيل من جانب واحد - وستكون العواقب وخيمة. إذا فشلت بيروت في التحرك، فسيواجه حزب الله حتمًا مواجهة كبيرة مع إسرائيل — في وقت تكون فيه إسرائيل في ذروة قوتها وحزب الله المدعوم من إيران في أضعف حالاته".
وتثير هذه التطورات قلقًا متزايدًا في بيروت، مع تمسّك حزب الله بموقفه الرافض لتسليم السلاح، ووضعه شروطًا عالية السقف مقابل ذلك، أهمها الانسحاب الإسرائيلي من النقاط المحتلة جنوب البلاد، ووقف ما يصفه بـ"العدوان"، والسماح بإعادة الإعمار، كما جاء على لسان أمينه العام، نعيم قاسم، غير مرة.
التلويح بالحرب
يختلف المراقبون في تأويل التلويح الإسرائيلي بالحرب، فبينما يرى البعض أن المعركة بين حزب الله وإسرائيل باتت شبه حتمية في ظل السياق المعقد الذي تمرّ به المنطقة، خاصة مع وقف إطلاق النار في غزة — الخطوة التي يُنظر إليها على أنها تتيح مجالًا أكبر للمناورة في جنوب لبنان، والتوقيت الذي تراه تل أبيب حاسمًا للتخلص بشكل كامل من تهديد حزب الله — يحاجج آخرون بأن الدولة العبرية قد تكون في غنى عن شن حرب على لبنان، خاصة وأنها تتحرك بحرية في البلاد.
مقابل ذلك، تتزايد المؤشرات على قرب عمل عسكري كبير، إذ أفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن القوات شرعت يوم الأحد الماضي في أوسع مناورة عسكرية له منذ هجوم 7 أكتوبر 2023، بمشاركة الفرقة 91 التابعة للقيادة الشمالية، على طول الحدود مع لبنان، لاختبار قدراته الهجومية والدفاعية في مواجهة أي تصعيد محتمل مع حزب الله.
وتقول صحيفة "معاريف" العبرية إن التدريب يهدف إلى محاكاة سيناريوهات قتال متعددة الجبهات، من إطلاق صواريخ إلى صد محاولات للتوغل إلى الجليل، بالإضافة إلى الاستعداد للتعامل مع مفاجآت ميدانية غير متوقعة.
منشأة "لبنان الصغير"
كان الجيش الإسرائيلي قد افتتح في وقت سابق من هذا العام، على أنقاض قرية زعرورة السورية في شمال مرتفعات الجولان السوري المحتلّ، منشأة تدريب ضخمة أسمتها "لبنان الصغير"، وهي معسكر يحاكي طبيعة القرى في جنوب لبنان، بهدف تدريب الجيش على أساليب مناورة حزب الله في المعارك البرية.
وقد عمل الجيش الإسرائيلي على بناء المنشأة طيلة العامين الماضيين، وكان مقاتلو مدرسة لواء الكوماندوز من أوائل المقاتلين الإسرائيليين الذين اطلعوا عليها وتدربوا فيها، وفقًا لما نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.