كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه هو من أوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن مواصلة الحرب في غزة، بعدما حذّره من أن "إسرائيل لا يمكنها أن تقاتل العالم بأسره".
تحدّث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مقابلة مع "مجلة تايم الأميركية" عن تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، واصفًا إياه بأنه "سلام يتجاوز غزة ويمتد إلى الشرق الأوسط بأكمله".
يرى ترامب أن المنطقة "تحمل تاريخًا من الكراهية يمتد لآلاف السنين"، لكن مجموعة من الدول "الذكية والثريّة" استطاعت أن تلتقي حول هدف مشترك هو السلام.
وأوضح أن الغزو الأميركي للعراق في عهد الرئيس الأسبق جورج بوش الابن "دمّر التوازن الإقليمي"، إذ كانت إيران والعراق قوتين متعادلتين، وحين سقط العراق "أصبحت طهران القوة المتغطرسة الوحيدة في المنطقة".
وتحدث الرئيس الأميركي عن الضربة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، مؤكدًا أنها "أزالت التهديد النووي بالكامل"، وأن اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني شكّل "نقطة تحوّل أنهت سلوك إيران العدواني". وأوضح أن بلاده "أضعفت طهران إلى درجة أنها أصبحت اليوم ضعيفة ومكروهة وتقاتل من أجل البقاء".
برأيه، كان هذا التحوّل هو الذي مهّد لنجاح اتفاق غزة، مضيفا :"لو بقيت إيران قوية كما كانت، لما كانت الدول العربية لتجرؤ على المشاركة. أخرجنا المتغطرس من اللعبة، فأصبح الجميع مستعدّين للسلام".
إيقاف الحرب في غزة
تطرّق ترامب إلى الحرب في غزة، موضحًا أنه هو من أوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن مواصلة العمليات العسكرية. روى أنه خاطبه بالقول: "بيبي، لا يمكنك أن تقاتل العالم كله. إسرائيل صغيرة جدًا مقارنة بالعالم".
أوضح أن استمرار الحرب كان سيجعل إسرائيل تفقد تأييد المجتمع الدولي، وأن تدخله ساعد على جمع الأطراف حول طاولة واحدة. كما أشار إلى أن نتنياهو ارتكب خطأ تكتيكيًا في ما يخصّ قطر، لكنه تحوّل لاحقًا إلى عامل دفع جميع الأطراف نحو التسوية.
وفي حديثه عن حماس، شدد على أن الحركة ستكون في "ورطة كبيرة" إذا لم تلتزم بالاتفاق، مبيّنًا أن العالم "سئم من القتال" وأن الوقت قد حان لإنهاء الحروب.
أما قضية الرهائن الإسرائيليين، فاعتبرها أولوية شخصية له، مشيرًا إلى أنه رفض إطلاقهم على دفعات. "طلبت أن يُفرج عنهم جميعًا دفعة واحدة، وهذا ما حصل في النهاية. كان الشعب الإسرائيلي يريد عودة أحبّائه قبل أي شيء آخر".
زيارة مرتقبة لغزة وتأسيس مجلس للسلام
أعلن ترامب ردًا على سؤال، أنه يعتزم زيارة غزة قريبًا، مشيرًا إلى أن "مجلس السلام" الذي أُنشئ حديثًا طلب منه أن يكون رئيسه. وأوضح أن المجلس سيكون هيئة قوية ومؤثرة في مستقبل المنطقة، تضم شخصيات عربية ودولية.
يرى ترامب أن هذا التطور "غير مسبوق منذ ثلاثة آلاف عام"، لأن الشرق الأوسط "لم يُجمع يومًا كما هو اليوم"، موضحًا أن حتى حركة حماس "وقّعت على الوثيقة الخاصة بالاتفاق".
الضفة الغربية خط أحمر
أكد الرئيس الأميركي رفضه القاطع لأي خطوة إسرائيلية لضمّ الضفة الغربية، مشددًا على أنه أعطى كلمته للدول العربية في هذا الشأن. وأوضح أن "الضمّ لن يحدث لأن لدينا دعمًا عربيًا واسعًا، وأي خطوة من هذا النوع ستجعل إسرائيل تفقد دعم الولايات المتحدة".
واعتبر أن الحفاظ على الوضع القائم في الضفة ضروري لاستمرار الثقة بين إسرائيل وشركائها العرب، مؤكدًا أن احترام هذا الالتزام كان أحد شروط التفاهمات الأخيرة.
محمود عباس والقيادة الفلسطينية
استعاد ترامب تفاصيل لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال قمة شرم الشيخ، واصفًا إياه بأنه "رجل مختلف في الواقع عمّا يبدو عليه في العلن". ذكر أن عباس هنّأه على تحقيق اتفاق غزة، قائلاً له إنه "عاصر سبعة رؤساء أميركيين، ولم يفعل أحد منهم ما فُعل اليوم".
يرى ترامب أن عباس يحظى باحترام الفلسطينيين ويُنظر إليه كشخصية حكيمة، لكنه يعتبر من المبكر تحديد من سيقود غزة بعد الحرب. ويعتقد أن "الفلسطينيين لا يملكون قائدًا ظاهرًا الآن، لأن كل من تولّى القيادة تم اغتياله"، مشيرًا إلى أن "المنصب لم يعد مرغوبًا".
وعن القيادي الأسير مروان البرغوثي، قال ترامب إنه يدرس الملف وسيصدر قراره قريبًا.
السعودية واتفاقايات أبراهام
تحدّث ترامب بإسهاب عن مسار التطبيع العربي مع إسرائيل، متوقعًا أن تكون السعودية الدولة التالية التي تنضم إلى "اتفاقيات التطبيع". وأشار إلى أن علاقته بالملك السعودي "ممتازة وقائمة على الاحترام المتبادل"، وأن الرياض "ستقود الطريق نحو مرحلة جديدة من الاستقرار الإقليمي".
ويرى أن إدارة سلفه جو بايدن "لم تفعل شيئًا سوى تعقيد الأمور"، لكن زوال التهديد الإيراني جعل العملية "أسهل وأكثر واقعية". وأبدى ثقته بانضمام السعودية قبل نهاية العام، مؤكدًا أن "المشكلتين الأساسيتين، غزة وإيران، لم تعودا قائمتين اليوم".
تحولات في سوريا ولبنان وإعادة رسم الخريطة
توقّف ترامب عند التحولات العسكرية والسياسية في لبنان وسوريا، موضحًا أن العمليات التي أضعفت حزب الله، والتغييرات التي شهدتها دمشق بعد إسقاط بشار الأسد، تمت بالتنسيق الكامل مع إسرائيل وبعلم الإدارة الأميركية.
وأشار إلى أن إسرائيل كانت تحترم قرارات واشنطن وتتشاور معه قبل أي عملية عسكرية، منتقدًا الرئيس الأسبق باراك أوباما الذي "عامل إسرائيل بشكل سيئ وانحاز إلى إيران".
وأكد أن الولايات المتحدة "أعادت رسم خريطة الشرق الأوسط"، وأن المنطقة "تنمو اليوم بطريقة جميلة"، لكنه حذر من أن "استمرار الاستقرار مرهون باحترام الشرق الأوسط لرئيس الولايات المتحدة"، معتبرًا أن "فقدان هذا الاحترام يمكن أن يؤدي إلى انهيار كل شيء".