في ظرف سياسي بالغ التعقيد بالنسبة للبنان، وجّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برقيّة تهنئة إلى نظيره اللبناني جوزيف عون بمناسبة الذكرى الثانية والثمانين للاستقلال، مؤكّدًا تطلّعه إلى تعزيز الشراكة بين الولايات المتحدة ولبنان ودعم مساره نحو الاستقرار.
في رسالته، قال ترامب: "عزيزي السيد الرئيس، باسم شعب الولايات المتحدة، أتقدّم إليكم وإلى شعب لبنان بأصدق التهاني بمناسبة الذكرى الثانية والثمانين لاستقلال بلادكم. هذا اليوم يحتفي بتاريخ لبنان العريق، وثقافته النابضة بالحياة، وروح شعبه الصامدة".
وأشار إلى أن لبنان يقف عند "مفترق طرق تاريخي" يتيح له فرصة السير نحو مزيد من الاستقرار والازدهار الاقتصادي، مشيدًا بـ"القرارات الجريئة" التي اتخذتها الحكومة، ومؤكدا رغبته في تعزيز الشراكة الثنائية.
الجيش وخطة نزع السلاح
تمارس واشنطن ضغوطًا متزايدة على الحكومة اللبنانية للمضي في خطة نزع سلاح حزب الله، في وقت تتصاعد فيه المخاوف داخليًا من احتمال اندلاع مواجهة مباشرة بين الجيش والحزب، بما قد يفتح الباب أمام فوضى جديدة في بلد مثقل بالانقسامات السياسية والطائفية.
الجيش اللبناني، الذي كُلّف رسميًا بنزع سلاح الحزب بعد ضغوط إسرائيلية وأمريكية، عزّز انتشاره في الجنوب، وبدأ منذ أيلول/سبتمبر بتفكيك البنى العسكرية التابعة لحزب الله جنوب نهر الليطاني، على بعد نحو 30 كيلومتراً من الحدود مع إسرائيل، تنفيذًا لخطة أقرتها الحكومة.
وعلى الرغم من أن المؤسسة العسكرية اعتمدت لهجة أكثر تصعيدًا تجاه إسرائيل في الآونة الأخيرة، فإن الرئيس جوزيف عون ونواف سلام لا يزالان يؤكدان تمسّكهما بالمسار الدبلوماسي.
في المقابل، تواصل إسرائيل تنفيذ ضربات تقول إنها تستهدف مواقع لحزب الله وحركة حماس داخل لبنان، رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار منذ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024.
وبحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أدت هجمات الجيش الإسرائيلي إلى مقتل ما لا يقل عن 127 مدنيًا منذ بدء سريان الاتفاق. وفي المقابل، يرفض حزب الله بشكل قاطع تجريده من سلاحه.
توتر مع واشنطن وانتقادات لاذعة
هذا المشهد ترافق مع توتر غير مسبوق مؤخرًا بين الجيش اللبناني والولايات المتحدة، فقد ألغى قائد الجيش رودولف هيكل زيارته المقرّرة إلى واشنطن وسط التصعيد في الجنوب.
وفيما تحدّثت وسائل إعلام لبنانية عن أن واشنطن هي من ألغت الزيارة اعتراضًا على "حدة" مواقف الجيش تجاه إسرائيل، برز التوتر بشكل أوضح في بيان أصدرته المؤسسة العسكرية حول حادثة إطلاق النار الإسرائيلية على عنصرين من قوات اليونيفيل الأحد الماضي، إذ اتهم الجيش الدولة العبرية بزعزعة الاستقرار والسيادة في لبنان.
وتعليقًا على البيان، قال السيناتور ليندسي غراهام على منصة "إكس" إن رئيس الأركان اللبناني، "بسبب الإشارة إلى إسرائيل كعدو وجهوده الضعيفة التي تكاد تكون معدومة لنزع سلاح حزب الله، يمثل انتكاسة كبيرة للجهود الرامية إلى دفع لبنان إلى الأمام"، مضيفًا أن هذا "يجعل القوات المسلحة اللبنانية ليست استثمارًا جيدًا جدًا لأمريكا".
كما وصفت السيناتور جوني إرنست بيان الجيش بأنه "مخيّب للآمال"، مشيرة في منشور على "إكس" إلى أن القوات المسلحة اللبنانية "شريك استراتيجي"، وأن إسرائيل قدّمت للبنان "فرصة حقيقية للتحرر من إرهابيي حزب الله المدعومين من إيران"، وفق تعبيرها.