وجّه ديوان المحاسبة الفرنسي انتقادات لاذعة إلى إدارة متحف اللوفر في باريس، متهماً إياها بتغليب "المشاريع المرئية والجذابة" على حساب الأمن والصيانة.
قال رئيس ديوان المحاسبة، بيار موسكوفيتشي، إن عملية السطو على متحف اللوفر تمثل "جرس إنذار" يكشف عن "بطء واضح وقصور كبير" في وتيرة تحديث الإجراءات الأمنية داخل أحد المتاحف الأكثر زيارة في العالم. وأوضح، خلال عرضه تقريرًا أُنجز قبل عملية السطو، أن اللوفر يمتلك الموارد المالية اللازمة لتعزيز الأمن، لكنه لم يباشر بتنفيذ التحسينات المطلوبة.
التقرير، الذي يغطي فترة إدارة المتحف الممتدة بين عامي 2018 و2024، أشار إلى أن الاستثمارات في الصيانة والأمن "ضرورية لاستمرار عمل المؤسسة على المدى الطويل"، غير أنّ الإدارة ركّزت على المشاريع ذات الطابع الجاذب بصرياً على حساب المرافق الحيوية.
وقد نُفذت السرقة التي وقعت في 19 تشرين الأول/ أكتوبر بخطة محكمة لم تستغرق أكثر من سبع دقائق. فقد استخدمت العصابة، المؤلفة من أربعة أشخاص، شاحنة مسروقة مزوّدة بسلم قابل للتمديد ومصعد شحن للوصول إلى نافذة في الطابق الأول من قاعة أبولو. وقام اثنان من أفرادها بتحطيم نافذة وصندوقين زجاجيين قبل أن يفرّا على دراجتين ناريتين يقودهما شريكان آخران.
استولى اللصوص على ثماني قطع نادرة، بينها عقد من الزمرد والألماس أهداه نابوليون الأول لزوجته ماري لويز، وتاج مرصّع بـ212 لؤلؤة ونحو ألفي ألماسة يعود إلى زوجة نابوليون الثالث. وحتى الآن، لم يُعثر على أي من هذه القطع.
ثغرات أمنية
خلص التقرير إلى أن قرارات الإدارة اتُّخذت "على حساب صيانة المباني وتجديد المرافق التقنية، خصوصًا تلك المتعلقة بالسلامة والأمن"، مشيرًا إلى تأخر مستمر في تركيب أجهزة المراقبة. وبيّن أن 39 في المئة فقط من قاعات المتحف كانت مجهّزة بكاميرات حتى عام 2024، وأنّ إنجاز مشروع الحماية لن يتم قبل عام 2032.
وأضاف التقرير أن تدقيقًا أمنيًا أُجري قبل نحو عقد كشف عن ضعف المراقبة والاستعداد للأزمات، لكن مناقصة الأعمال الأمنية لم تُطرح إلا في العام الماضي، في حين ستتطلب التحديثات المقترحة ثماني سنوات إضافية لإتمامها.
كما انتقد التقرير الإنفاق المفرط على المقتنيات الفنية، التي لا يُعرض منها سوى ربعها، إضافة إلى سوء الإدارة والاحتيال في التذاكر، ما فاقم عجز المتحف عن تطوير أنظمته الأمنية.
توصيات صارمة
تضمّن تقرير ديوان المحاسبة عشر توصيات لإدارة المتحف، أبرزها تقليص عدد المقتنيات الجديدة ورفع أسعار التذاكر.
وأعلنت إدارة اللوفر أنها قبلت "معظم" هذه التوصيات، فيما أشار التحقيق الإداري، الذي اكتمل الأسبوع الماضي، إلى "تقصير مزمن وهيكلي في تقدير مخاطر التسلل والسرقة" و"مستوى غير كافٍ من الإجراءات الأمنية".
وردًا على الانتقادات، أطلق اللوفر في كانون الثاني/ يناير مشروع تطوير طويل الأمد يشمل إنشاء مساحة جديدة مخصصة للوحة الموناليزا وتعزيز منظومة الحماية، في محاولة لاستعادة ثقة الجمهور وحماية إرثه الثقافي من أي "سرقة في وضح النهار" أخرى.