على مدى السنوات ال 25 الماضية، خلق النمساوي مايكل هانيكي اسما لنفسه باعتباره واحدا من أهم المخرجين في تاريخ السينما.
تتويج فيلمه “حب” بالسعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي في دورته ال 65 جاء بعد ثلاث سنوات فقط على نيله الجائزة نفسها عن “الشريط الأبيض”. هانيكي يتناول في أفلامه أساليب فريدة من نوعها بالاعتماد على الواقع القريب والكشف عن المخاوف والأسرار والمحظورات، ورغم تقدمه في السن حصل هانيكي على جائزة أخرى هي جائزة أمير أستورياس، يورونيوز التقته في أوفيدو الاسبانية.
يورونيوز:” السيد هانيكي خزانتك تضم قائمة من أهم الجوائز السينمائية العالمية، جائزة الفيلم الأوروبي، جائزة الفيلم الألماني، غولدن غلوب، السعفة الذهبية مرتين، جائزة الأوسكار، وحاليا جائزة أمير أستورياس أي من هذه الجوائز تعتبر الأقرب إليك؟
يورونيوز:“الحب“، هو فيلم عن الحب، نهاية الحياة والخوف من الموت، فيلم جلب لك بعض الجوائز وأنت في ذروة حياتك المهنية .
حفل جوائز الأوسكار تم قبل بضعة أشهر. كيف تفسرون أن يحقق هذا الفيلم الذي لم يحظ بمتابعة كبيرة من قبل الجمهور بحكم أنه يتناول موضوعا يحاول الجميع تجنبه كل هذا النجاح؟مايكل هانيكي:“أعتقد أن لا علاقة له مع وقت خروج الفيلم الى القاعات السينمائية، أنا أقول دائما لو جاء الفيلم قبل 10 سنوات بالتأكيد لن يحقق النجاح ذاته. لأن هذا الموضوع تم وضعه مرة أخرى في الواجهة لجلب اهتمام الرأي العام عن طريق وسائل الإعلام لأنه موضوع ينبغي معالجته لكنه كان مجرد صدفة. بالنسبة لي وكذلك فريق الانتاج في البداية عندما جئت لأقول إنني أحضر لفيلم حول هذا الموضوع، قلنا إنه سم السينما، من الأفضل عدم القيام به. ولكن نظرا لأنه أثار اهتمامي لأنني واجهت هذه المشكلة في حياتي الخاصة، اتحذت قراري باخراجه وفي نهاية المطاف كان الجميع سعداء. إنه لأمر رائع أن حدث ما حدث.
يورونيوز:“أفلامك تتحدث عن الحب والخوف لأنها تواجه المشاهد بالخوف والأسرار، العنف موضوع مهم للغاية، خاصة العنف الجسدي والنفسي، هل يمكن أن نفهم أن هناك من يعيش مثل هذا النوع من التعذيب؟”
مايكل هانيكي: “لا أستطيع تكذيبه، ولكن لا أحد مجبر للذهاب إلى السينما، تكرر ذلك في كثير من الأحيان في فيلمي “ألعاب مضحكة”. الذي اعتبر قليلا وكأنه استفزاز يهدف الى اظهار ما يتعرض له المشاهد عند اختياره لفيلم عنيف. لأنه عادة في السينما السائدة يتم التعامل مع العنف كسلعة. ونحن نتابع السينما لمشاهدة ما يحدث، لكن هذا لا يعنينا، لأنه ليس سوى سينما وهذا هو الشيء الذي يجعلني أغضب كثيرا، ومن خلال ردود الأفعال أردت أن أظهر للمشاهد أنه متواطئ في ذلك.”
يورونيوز:“أنت نمساوي الجنسية، ولدت في ميونيخ وترعرعت في فيينا أين تعيش؟ وأنت تعمل في ألمانيا ولا تتوقف عن العمل على أفلام فرنسية مع ممثلين فرنسيين وباللغة الفرنسية لماذا؟ في أي مكان تشعر بأنك في المنزل؟”
مايكل هانيكي:“أشعر أني في منزلي أينما سمح لي بالعمل، وبالطبع فإنه من السهل إخراج أفلام فرنسية في فرنسا، أفلام تفرض ذاتها، لا أعني الأفلام التجارية البحتة فمن السهل الحصول على المال في فرنسا لهذا الغرض، إضافة الى أن هناك ممثلين بارعين في فرنسا، لا أقصد أن ألمانيا لا تملك ممثلين محترفين . لكنها الحقيقة ، فكرة القيام بفيلم في فرنسا جاءت عن طريق جولييت بينوش التي شاهدت أفلامي النمساوية وعرضت علي العمل معا.
حينها كنت مذهولا واعتقدت أن شخصا ما يمزح معي، بعد ذلك عملنا على فيلم وبعدها كانت هناك مناسبات أخرى.
حاليا لدي الكثير من الأصدقاء في فرنسا يحبون العمل معي ولكن لا يعني هذا أني لا أحب العمل في ألمانيا أو في النمسا، لكن ذلك يتوقف على القصة التي نريد التطرق إليها.”
يورونيوز:“عندما ندخل اسمك في غوغل، نشاهد صفحة مايكل هانيكي على حساب تويتر مع تصريحات مضحكة جدا. يتعلق الأمر بمحاكاة ساخرة لصحفي معجب. تم إغلاق هذا الحساب، ولكن تم تقديره للغاية مع أكثر من عشرين ألف متابع. هذا يجعلك تضحك، ولكن لماذا لا تقدر وسائل التواصل الاجتماعي. لماذا؟
مايكل هانيكي:“لا لم أقل هذا، أنا أضحك لأنني لا أعرف هذا، طلابي أخبروني بذلك لهذا السبب أضحك وأعتبر ذلك مضحكا للغاية، وهذا كل شيء، هذه كذبة أنني لا أقدر وسائل التواصل الاجتماعي بل على العكس، فيلمي الجديد الذي أحضر له حاليا يتطرق الى هذا الموضوع، لكنني لا أدخل كثيرا الى هذه المواقع لأن لدي ارتباطات وليس لدي الوقت الكافي لهذا النوع من الأشياء.”
يورونيوز:“سؤالي الآتي عن مشروع فيلمك القادم، هل لنا أن نعرف المزيد عنه؟”مايكل هانيكي:“لا أستطيع الكشف عن المزيد من التفاصيل، لأنني قمت بذلك عدة مرات وقمت ببعض التعديلات والاعتذار بعدها، لأن الفيلم يتحدث عن شيء آخر غير ما قلت من قبل، لهذا السبب قررت وأقسمت على أن لا أعيد ذلك مرة أخرى.”
يورونيوز:“في الوقت الراهن، العديد من المخرجين السينمائين ينتقلون الى مرحلة إنتاج المسلسلات التلفزيونية،أنت قدمت من التلفزيون هل يمكن لك العودة مستقبلا؟”
مايكل هانيكي:“إذا ظلت السينما التجارية على هذا النحو من الطبيعي أن يبحث الأشخاص الذين يطمحون فكريا الى المزيد في هذا المجال.
لم يكن أحد يعتقد قبل عشر سنوات أن التلفزيون سيعيش نهضة قوية اليوم بفضل ادارة المثقفين الأمريكيين الذين تحولوا جميعا نحو المسلسلات التلفزيونية، أعتقد أن ذلك أمر جيد لأنها قصص ذكية حقا لم تعد موجودة في السينما الأمريكية، لذلك لما لا؟ماذا ستكون النتيجة لا يمكن لأحد الاجابة عن هذا لأنه لا يمكننا التنبؤ بما يحدث الآن.”“طالما يسمحون لي سأواصل عملي طالما لدي أفكار جديدة لأنه قد يتوقف تفكيري وتصبح لا قوة لي ، ولكن طالما يعمل والناس ترغب في المزيد والمشاهدة لا شيء يدعو الى التوقف عن العمل.”
يورونيوز:“السيد هانيكي، أشكرك على هذه المقابلة.”