كما أكد الرئيس أن الجيش يقوم منذ اتفاق تشرين الثاني الماضي بدوره في جنوب الليطاني، لكن لا يمكن تحديد جدول زمني واضح "لتنظيف الجنوب من السلاح" لأن مساحة الجنوب واسعة، وفيها أودية وأحراج وتلال وغير ذلك.
قال الرئيس اللبناني جوزاف عون إن من "الضروري أن نصل إلى وقت تلتزم فيه إسرائيل بوقف العمليات العسكرية ضد لبنان ليبدأ مسار التفاوض، لأن هذا المسار الذي نراه في المنطقة يجب ألا نعاكسه"، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء اللبنانية.
وأتى حديث الرئيس اللبناني أثناء لقائه مع إعلاميين اقتصاديين في قصر بعبدا للحديث عن الحالة الاقتصادية والأمنية في لبنان.
وأوضح عون إنه "سبق للدولة اللبنانية أن تفاوضت مع إسرائيل برعاية أميركيا والأمم المتحدة، ما أسفر عن اتفاق لترسيم الحدود البحرية تم الإعلان عنه من مقر قيادة 'اليونيفيل' في الناقورة".
وتساءل: "فما الذي يمنع أن يتكرر الأمر نفسه لإيجاد حلول للمشاكل العالقة، لا سيما وأن الحرب لم تؤدِّ إلى نتيجة؟ فإسرائيل ذهبت إلى التفاوض مع حركة حماس لأنها لم يعد لها خيار آخر بعدما جربت الحرب والدمار. واليوم الجو العام هو جو تسويات، ولا بد من التفاوض، أما شكل هذا التفاوض فيحدد في حينه".
وتابع الأخير: "الوضع السائد في المنطقة الآن والمسار الذي تمر فيه يدل على صوابية قراراتنا وتوجهاتنا. فالأمور تسير نحو التفاوض لإرساء السلام والاستقرار، وهي تعطي نتائج. لذلك نقول دائمًا إنه بالحوار والتفاوض يمكن الوصول إلى حلول، ولا يمكن أن نكون نحن خارج المسار القائم في المنطقة، وهو مسار 'تسوية الأزمات'، ولا بد أن نكون ضمنه، إذ لم يعد بالإمكان تحمل المزيد من الحرب والدمار والقتل والتهجير".
عون: أنباء حشد سوريا لمقاتلين على حدودنا غير صحيحة
أما فيما يتعلق بسوريا، فقال الرئيس اللبناني: "نسمع كثيرًا عن حشود على الحدود، فترسل قيادة الجيش دوريات ويتضح أن لا صحة لهذه المعلومات. إن اللقاءات التي أجريتها مع الرئيس السوري أحمد الشرع كانت إيجابية، وخلال زيارة وزير الخارجية السوري أسعد شيباني يوم الجمعة الماضي لبيروت، تم تأكيد سلسلة مبادئ في إطار الاحترام المتبادل والتعاون والتنسيق على مستويات أمنية واقتصادية".
وتابع قائلًا: "ولا بد من أن نطور علاقاتنا مع دمشق، وهو ما أكدناه لجهة تعيين سفير سوري في لبنان وتشكيل لجان تتولى درس الملفات، ومنها ملف الحدود البرية والبحرية ومراجعة الاتفاقات القائمة بين البلدين".
عون: مسألة السلاح غير أساسية وطبيعة الجنوب تعيق تنظيفه من الذخيرة
وعند سؤاله عما إذا كان البلد في خطر، نفى عون ذلك قائلًا : "لبنان ليس في خطر إلا في عقول بعض الذين يتخذون مواقف نقيض الدولة ولا يريدون أن يروا أن لبنان يقوم من جديد، لا سيما وأن كل المؤشرات الاقتصادية إيجابية".
وفيما يتعلق بملف نزع سلاح حزب الله، اعتبر الرئيس أن مسألة: "السلاح ليست الأساس، بل النية في استعماله هي الأساس، ذلك أن الذخيرة مثل الدواء لها عمر وفاعلية، ومتى تجاوزت العمر المقدر لها تصبح خطرة على من يقتنيها. المهم هو نزع وظيفة السلاح، وهذه مسألة تأخذ وقتًا وليس على قاعدة 'كوني فكانت'".
كما أكد الرئيس أن الجيش يقوم منذ اتفاق تشرين الثاني الماضي بدوره في جنوب الليطاني، لكن لا يمكن تحديد جدول زمني واضح "لتنظيف الجنوب من السلاح" لأن مساحة الجنوب واسعة، وفيها أودية وأحراج وتلال وغير ذلك.
وتابع أنه من الضروري أن نأخذ في الاعتبار حالة الطقس مع اقتراب فصل الشتاء، و"لا ننسى أيضًا الوجود الفلسطيني الذي تتعامل معه الدولة والجيش على حد سواء، خصوصًا مع بدء عمليات تسليم الأسلحة في عدد من المخيمات الفلسطينية".
قمة شرم الشيخ والسلام في المنطقة
تصريحات الرئيس اللبناني جاءت في الوقت الذي يستعد فيه رؤساء العالم لعقد قمة "من أجل السلام" في شرم الشيخ بمصر، بزعامة الرئيس دونالد ترامب ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وذلك لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة تمهيدًا لإنهاء الحرب بشكل كامل، ومناقشة بقية الملفات الشائكة وعلى رأسها نزع سلاح حماس، لكن يُنظر للقمة على أنها انطلاقة "لاتفاقيات وتسويات سلام كبرى في المنطقة".
وعن ذلك، قال الرئيس الأمريكي في خطاب ألقاه أمام الكنيست الإسرائيلي إنه يأمل أن تنضم الدول التي تتواصل معها لاتفاقات أبراهام، وأضاف أن إسرائيل والولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط ستكون أكثر أمانًا من أي وقت مضى، وأن المنطقة بأكملها وافقت على خطة لنزع سلاح حماس.
ترامب: تم تدمير حزب الله وندعو لبنان لبناء دولة تعيش بسلام مع جيرانها
وأتى الزعيم الجمهوري في حديثه عن لبنان حيث قال إنه تم تدمير حزب الله، وأعرب عن دعمه للرئيس اللبناني لنزع سلاح الحزب و"بناء دولة تعيش بسلام مع جيرانها".
في هذا السياق، تسود في بيروت مخاوف من أن تتيح التسوية في غزة لإسرائيل تحويل تركيزها نحو لبنان وملف نزع سلاح حزب الله، مع استمرار التلويح بخيار الحرب على بلد يعاني من ظروف اقتصادية واجتماعية قاسية مع تعثّر عمليات إعادة الإعمار.
واشنطن غير راضية عن أداء الحكومة بشأن نزع السلاح
وكان مجلس الوزراء اللبناني، على وقع ضغوطات أمريكية وخليجية، قد أقر مطلع أغسطس/آب الماضي خطة تكليف الجيش بوضع آلية تنفيذية لحصر السلاح بيد الدولة.
وفي مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي، عقدت الحكومة جلسة لمناقشة 5 بنود، أبرزها خطة الجيش اللبناني لتنفيذ قرارها وسط أجواء مشحونة.
وانتهت الجلسة آنذاك بإعلان وجده البعض "خجولًا"، إذ صرّح وزير الإعلام بول مرقص أن قائد الجيش رودولف هيكل عرض خطة حصر السلاح، مشيرًا إلى أن الوزراء "رحبوا بها"، لكنه أكد على أن مداولات الخطة ستبقى سرية وستنفّذ على قدر الاستطاعة والامكانيات المتاحة للجيش.
مع ذلك، تتهم واشنطن الحكومة اللبنانية بالتقاعس في هذا الملف، ففي وقت سابق، قال السفير الأمريكي لدى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا ، توم باراك، إن كل ما يفعله لبنان يقتصر على الكلام دون أي إجراءات فعلية، واتهم حكومة الرئيس نواف سلام بالتقاعس.
ودعا براك الحكومة اللبنانية إلى الإعلان بوضوح عن نيتها تفكيك سلاح حزب الله وتحمل المسؤولية في الحد من نفوذه. وبينما أشاد بالجيش اللبناني واصفًا إياه بأنه "منظمة جيدة"، أوضح أنه ليس مجهزًا بشكل كافٍ لمواجهة هذا التهديد.
اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل عام 2022
في 27 أكتوبر 2022، وقّعت إسرائيل ولبنان، بوساطة أمريكية، اتفاقًا لترسيم حدودهما البحرية، أنهى رسميًا النزاع حول مناطق استكشاف الغاز والنفط.
وينص الاتفاق على اعتماد الخط 23 كحدّ فاصل بين البلدين، ما مكّن إسرائيل من استغلال موارد حقل كاريش، ولبنان من استغلال موارد حقل قانا.
وجاء الاتفاق بعد أن تراجع لبنان عن مطالبته بالخط 29 خلال المفاوضات، وهو الخط الذي كان سيسمح له بالوصول إلى أجزاء من حقل كاريش الذي بدأت إسرائيل في تطويره لاستخراج الغاز.
وقد تولت شركة “توتال إنرجيز” الفرنسية عمليات التنقيب في حقل قانا، لكنها كانت ملزمة بالتوصل إلى تفاهم مالي مع إسرائيل في ما يخص أي عائدات محتملة من الجزء الجنوبي من الحقل الذي يتجاوز الخط 23.
وبذلك، احتفظت إسرائيل بالسيطرة الكاملة على حقل كاريش، في حين حصل لبنان على الحق في استثمار حقل قانا، مع التزام “توتال” بالتفاوض مع الجانب الإسرائيلي لتحديد حصة الدولة العبرية من أي عائدات محتملة.