قال صنصال: "أريد العودة إلى الجزائر واستعادة حقي، لكن ليس من القضاء الجزائري الذي أعتبره ديكتاتوريًا.. أريد إصلاحًا نفسيًا لنفسي، العودة والمغادرة كرجل حر، كي أعيش دون وصمة العفو."
تسلم الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، تحت قبة الأكاديمية الفرنسية، جائزة "سينو ديل دوكا" العالمية التي فاز بها في مايو الماضي، في حفل حضره أكاديميون وشخصيات ثقافية بارزة، وسط تصفيق طويل.
الكاتب الذي قضى عامًا كاملًا في السجن بتهم تتعلق بـ"المساس بوحدة الوطن"، تحدث إلى Radio France عن تجربته الشخصية، وعن الجزائر، وكتابه المقبل، وكذلك عن الصحفي كريستوف غليز المحكوم بالسجن في الجزائر
"العودة من العزلة إلى الحشود"
تحدث صنصال عن شعوره الغريب بعد الخروج من السجن: "منذ أن خرجت، أعيش بين الجموع بعد أن قضيت عامًا كاملاً وحيدًا على مدار 24 ساعة يوميًا.. التغيير كبير جدًا وصادم." وأضاف: "كنت متأثرًا جدًا عند تسلمي الجائزة، فقد كنت في نفس المكان عند استلامي جائزة الجائزة الكبرى للفرانكوفونية "Grand Prix de la Francophonie" ثم جائزة الرواية الكبرى، والآن جائزة سينو ديل دوكا.. إنه شعور رائع، ألتقي بعائلتي وأصدقائي وأعرف الجميع."
وعن تجربته في السجن، قال صنصال: "لقد تعرضت لمعاملة قاسية في الجزائر، حيث تجمعت على عاتقي كل الكراهية التي يحملها هذا البلد تجاه اليهود والمسيحيين والمفكرين والشعراء.. الأمر صعب جدًا، لكن يمكن للمرء أن يعتاد على العزلة.
"أمل في الإفراج عن كريستوف غليز"
وعن الصحفي كريستوف غليز، قال: "أتطلع لرؤيته والتحدث معه.. هناك فرق عمره أربعون عامًا بيننا، وأرغب بمناقشته عن تجربته.. آمل أن يُفرج عنه خلال أسبوع أو أسبوعين، كما حصل معي بفضل العفو.. ما نتوقعه حين نكون أبرياء هو تبرئة كاملة واعتذار، أما العفو فهو شيء مؤقت لا يمكن العيش فيه كشخص معفى."
وأضاف صنصال: "نحن دائمًا ساذجون عندما نظن أنه يمكننا السفر بحرية والتعبير بحرية في أي مكان، لكن الحقيقة أن ذلك غير ممكن."
وعن إمكانية العودة إلى الجزائر، أكد صنصال: "أريد العودة إلى الجزائر واستعادة حقي، لكن ليس من القضاء الجزائري الذي أعتبره ديكتاتوريًا.. أريد إصلاحًا نفسيًا لنفسي، العودة والمغادرة كرجل حر، كي أعيش دون وصمة العفو." .
وأضاف: "سأعود على أي حال عندما تكون المخاطر في أدنى مستوياتها.. في الوقت الحالي، هذا مستحيل، سأُعتقل وأعاد إلى السجن لمدة ثلاثين عامًا، وهذا مؤكد تمامًا.. سأنتظر اللحظة المناسبة، بعد الإفراج عن كريستوف وغيره، ومراقبة تطورات العلاقات بين فرنسا والجزائر وألمانيا، ثم سأتخذ القرار المناسب للعودة."
وتحدث عن محاولاته السابقة للتواصل مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "أخبرته برغبتي في العودة، لكنه سافر إلى جنوب أفريقيا لمقابلة الرئيس الجزائري، الذي تذرع بالمرض ولم يلتقِ به، ما يمثل إهانة كبيرة للعلاقات الدولية."
قيمة الجائزة وروايته القادمة..
وعن قيمة الجائزة، قال صنصال: "الجوائز دائمًا ممتعة، تشبه تقديم حلويات للكاتب.. هذا ما لمسته في هذا التكريم، إضافة إلى القيمة المالية التي ستساعدني على الاستقرار في فرنسا، وشراء أو استئجار منزل وتأمين احتياجاتي اليومية."
أما عن كتابه القادم، فأوضح: "أفكر في مفهوم "الأسطورة"، ما بين الحقيقة والزيف، الواقع والوهم.. في السجن أطلق عليّ بعض السجناء لقب "الأسطورة"، وهذا ألهمني لموضوع الرواية القادمة، التي قد تحمل هذا العنوان."
وعن فكرة الانضمام إلى الأكاديمية الفرنسية، أشار مبتسمًا: "لقد عُرض عليّ بالفعل مقعد في الأكاديمية الملكية البلجيكية، وسأنتقل إلى بروكسل قريبًا للتثبيت، وربما هنا أيضًا في المستقبل.. يبدو أن الأكاديميين يكنون لي الكثير من التعاطف."
وقال الأكاديمي دانيال روندو من على المنصة: "في بعض الكتب، أصبح بوعلام صنصال إحدى الأصوات التي تحدثت نيابة عن الشعب الجزائري.. الجزائر، موطن ألبير كامو، تحتل مكانة مهمة على خريطتنا الأدبية." وأضاف: "الكتابة أصبحت بالنسبة له، كما قال جوستاف فلوبير، طريقة حياة، جزء منه لا يمكن قيده أو إسكات صوته، هو نبضه الداخلي وحيويته."
وعن الجائزة، أشار روندو: "كانت أقوى دعم قدّم في فرنسا لبوعلام صنصال.. بعد أسابيع قليلة من اعتقاله، وضعنا هذه المناسبة تحت رعايته، ثم تأكدنا من منحه الجائزة المالية التي ستساعده على تحسين ظروفه بعد خروجه من السجن."