منذ سنوات تتراجع قساوة الشتاء الأوروبي وتتراجع وتيرة فترات الجليد في القارة، ما يسمح لأنواع جديدة من الحشرات المحلية أو "المستوردة" بالبقاء على قيد الحياة، والاستيطان في أماكن جديدة كلياً.
تعاني بلدان أوروبية حالياً من مشكلة مستجدة تُختصر بانتشار أنواع غازية من الحشرات، لم تكن لتصمد في البرد الأوروبي منذ عشرين عاماً.
بطبيعة الحال، يبدو أنّ التغيّر المناخي هو السبب الأوّل في ذلك ولكن العمولة أيضاً أسهمت فيه، ما سيدفع بالشركات المستوردة إلى اتخاذ تدابير إضافية حتماً.
محيطات بجليد أقلّ
برنامجنا الشهري "Climate Now" يخصص تقريراً لانتشار نوع غازي من النمل في فرنسا وبلجيكا وألمانيا، رغم أن موطنه الأساسي هو حوض المتوسط.
بشكل عام ترتفع درجات الحرارة سنة بعد سنة، وهذا سيترتب عليه عواقب من مختلف العيارات والأحجام. بحسب خدمة كوبرنيكوس للأرصاد الجوية، كان شهر أيار/مايو 2023 الأكثر حراً في العالم للعام الثاني على التولي، ولكن درجات الحرارة في أوروبا بقيت قريبة من المعدل العام.
ورغم أن إيطاليا ومنطقة البلقان شهدتا طقساً أبرد خلال الشهر نفسه، إلا أنهما شهدتا كذلك أمطاراً كثيفة وفيضانات مدمرّة.
درجات الحرارة على المستوى العالمي سجّلت 0.4 درجات مئوية إضافية في أيار/مايو مقارنة بالفترة الممتدة بين 1191 و2000.
هناك أيضاً ظاهرتان مثيرتان للقلق يجب التذكير بهما:
- خلوّ مساحات بحرية وأرضية واسعة وغير مسبوقة من الجليد في شهر أيار/مايو. وهذا الأمر لم يسبق أن سجّل منذ بدء قياس حرارة سطح المياه بالأقمار الاصطناعية.
- عودة ظاهرة النينيو إلى مناطق فوق المحيط الهادئ. ومن شأن هذه الظاهرة أن ترفع درجة حرارة المياه، التي تساهم أساساً في امتصاص نحو 90 بالمئة من الحرارة الزائدة في غلافنا الجوي.
النمل يتجه شمالاً
يخصص برنامج "Climate Now" تقريراً عن انتشار نوع جديد من النمل الغازي، الذي يتخذ من حوض المتوسط موطناً له، في مناطق أوروبية مختلفة.
فالشتاء تضعف عزيمته مع كلّ سنة، وتراجعت كثيراً وتيرة البرد القارس والصقيع والجليد في السنوات الأخيرة، ما يسمح لأنواع مختلفة من الحشرات بالبقاء على قيد الحياة.
يتحدث التقرير عن نوع خاص من النمل الغازي، واسمه العلمي "Tapinoma Magnum"، وهو وصل إلى مدن فرنسية بينها ليون ويستوطن في أماكن غير متوقعة.
يشير التقرير إلى أنّ عمليات الاستيراد للنبات والأشجار من مناطق متوسطية أحياناً تنقل هذا النمل الذي لا يتنبه المستورّدون أو المصدّرون إلى وجوده في البضائع.
والمشكلة، بحسب التقرير، هي أن هذا النوع من النمل سيقضي على الأنواع الأخرى، المحلية، الأمر الذي سيؤدي إلى تغييرات بيئية في نهاية المطاف، كما أنه يجتاح البيوت والحدائق.
ومع احترار المناخ، يقول العالم برنارد كوفمان من جامعة ليون، إن على أوروبا أن تتحضّر لمزيد من الأنواع الغازية، مثل نمل النار من أمريكا اللاتينية
ويضيف كوفمان قائلاً "لدينا ما بين مئة ومئتي نوع من النمل نشرتها العولمة في كل مكان من الأرض. والتغير المناخي سيسرّع حتماً هذه العملية ويعزز انتشار أنواع محبة للدفء والحرارة، حتى في المناطق المعتدلة نسبياً".
للمزيد من التقارير عن آخر المستجدات البيئية، اضغط هنا.