يتميّز الرجال بطول يفوق النساء في المتوسط بنحو 13 سنتيمترًا، غير أن العلم لم ينجح بعد في فكّ اللغز الجيني الذي يفسّر هذا التفاوت الواضح بين الجنسين.
تكشف دراسة حديثة نُشرت في مجلة Journal of Human Genetics أن الفارق في الطول بين الجنسين لا يرتبط بالهرمونات الجنسية وحدها، مثل الأندروجينات، بل أيضًا بجينات النمو التي تتفاعل معها. وعلى الرغم من أن العلماء بحثوا طويلًا عن جين محدد على الكروموسوم Y يمكن ربطه بالنمو الذكري، فإن جميع المحاولات السابقة انتهت من دون نتيجة.
أعاد الباحثون النظر في جين يُعرف باسم SHOX، موجود على الكروموسومين X وY، لدى الرجال والنساء معًا. ورغم أن الدراسات السابقة لم تُشر إليه كعنصر أساسي يمكن أن يُفسّر الاختلاف في الطول، فإن التحليلات الجديدة كشفت أنه أكثر نشاطًا في أنسجة الرجال، ما قد يقدّم تفسيرًا للفارق بين الجنسين.
دور خفي لجين SHOX
حلّلت دراسة أوسع بيانات 928,605 أشخاص، بينهم أكثر من ألف مصاب بخلل في عدد الكروموسومات الجنسية، أظهرت أن وجود كروموسوم Y إضافي يرتبط بزيادة في الطول بمقدار 3.1 سنتيمتر مقارنة بوجود كروموسوم X إضافي.
وبما أن جين SHOX هو الوحيد المرتبط بالنمو الهيكلي والموجود على هذه الكروموسومات، فإن الفرق لا يمكن تفسيره إلا بدرجات نشاطه المختلفة بين الجنسين.
كما تبيّن أن الخلل في هذا الجين يؤدي إلى انخفاض في الطول بمعدل 18.6 سنتيمتر لدى الرجال، مقابل 8.9 سنتيمتر فقط لدى النساء، ما يعزّز الفرضية بأن تأثيره أقوى بكثير لدى الذكور.
وقد كتب معدّو الدراسة: "تشير هذه النتائج إلى أن انخفاض نشاط جين SHOX لدى الإناث قد يكون السبب المباشر وراء اختلاف الطول بين الرجال والنساء".
ورغم أن هذه النتائج تشكّل خطوة إضافية نحو فهم الآليات الجينية للفارق الجسدي بين الرجال والنساء، فإن الباحثين يشيرون إلى أن الصورة لا تزال غير مكتملة، مرجّحين احتمال وجود جينات أو جزيئات RNA أخرى على الكروموسومات الجنسية ما زالت غير معروفة حتى الآن، وقد تسهم بدورها في تشكيل هذا الاختلاف البيولوجي.