تحذّر الدراسات العلمية من أنّ تكرار سنوات الجفاف القاسية، على غرار عامي 2003 و2022، قد يؤدي إلى تراجع منسوب مياه نهر الراين في هولندا بنسبة تصل إلى 15% خلال شهر أغسطس. ورغم أن هذه النسبة قد تبدو محدودة، فإنها – وفقاً للخبراء – كفيلة بتهديد حركة الملاحة النهرية وإعاقة عمليات النقل التجاري.
مع مرور كل صيف، تشهد الأنهار الأوروبية انخفاضاً متزايداً في مستويات المياه، لكن الجفاف ليس العامل الوحيد المسؤول عن ذلك. جبال الألب، التي طالما كانت خزاناً مائياً طبيعياً للقارة، تشهد تحولات عميقة بفعل التغير المناخي، حيث يتقلص الغطاء الجليدي بوتيرة مقلقة، مما يهدد تدفق المياه عبر أوروبا وصولاً إلى بحر الشمال.
فمن سويسرا، مروراً بليختنشتاين والنمسا وألمانيا وفرنسا وحتى هولندا، تشكل الأنهار الجليدية مصدراً أساسياً لمياه الشرب والملاحة. غير أن التسارع الكبير في ذوبانها خلال العقدين الأخيرين كشف عن مخاطر لم تكن واضحة سابقاً.
الخبيرة الهولندية في علوم الجليد، ماريت فان تيل، أوضحت في مقابلة أنها زارت نهر إيغَر الجليدي قبل ثماني سنوات وكان أكبر بكثير مما هو عليه اليوم، مشيرة إلى أن ذلك "دليل مباشر على تأثير التغير المناخي". وأضافت أن المنطقة التي كانت مغطاة بالجليد منذ نهاية العصر الجليدي الصغير عام 1850، فقدت معظم كتلتها خلال فترة قصيرة، وأن وتيرة التراجع تسارعت بشكل ملحوظ خلال العشرين عاماً الماضية.
وتشرح فان تيل أن الأنهار الجليدية ليست مجرد منظر طبيعي، بل "المصدر الحقيقي لكثير من الأنهار الكبرى مثل نهر الراين"، فهي تمد مجاري المياه بكميات إضافية في أوقات الجفاف، معوضة عن قلة الأمطار. إلا أن هذا الدور الحاسم يتراجع تدريجياً مع انكماش الجليد.
وتحذّرالدراسات العلمية من أنه إذا تكررت سنوات قاسية مثل 2003 أو 2022، فقد يتراجع منسوب مياه نهر الراين في هولندا بنسبة تصل إلى 15% في شهر أغسطس. ورغم أن الرقم قد يبدو ضئيلاً، إلا أنه كافٍ – بحسب الخبراء – لتهديد حركة الملاحة النهرية وعمليات النقل التجاري.
وتؤكد الخبيرة أن "التغير المناخي لا يقتصر على رفع درجات الحرارة، بل يعني أيضاً مزيداً من الأعوام الجافة"، ومع استمرار تراجع الأنهار الجليدية فإن أوروبا تقف أمام "مشكلة مزدوجة" تجمع بين ندرة الأمطار وانكماش منابع المياه.