Euroviews. فراشة تسحب خيطا من الجنة

Kenneth Dwain Harrelson
Kenneth Dwain Harrelson
بقلم:  Euronews
شارك هذا المقالمحادثة
شارك هذا المقالClose Button
المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر يورونيوز

فراشة تسحب خيطا من الجنة

د محمد غاني، كاتب- المغرب

اعلان

هي قولة لشمس الدين التبريزي العارف بالله الصوفي الفارسي شيخ جلال الدين الرومي، أبدع فيها هذا المعنى بقوله في مناجاته لخالقه "يا رب اجعل قلبي كفراشة ، سحبت خيطاً من الجنة وجاءت إلى الأرض"، افانظروا معي أيها السادة القراء الأفاضل ألا تجدون فعل هاته الإشارة اللطيفة في قلوبكم، حين تنقطعون عن مشاكل الحياة، بالاتصال الداخلي بمن يراقب كل شيء، من علياء مقامات الشعور الداخلي، الذي ينبغي على النبيه ان ينبه الغافل اليه، و هو اننا - كما يرى نفس العارف- " كنا نظن انه يراقبنا من الخارج في حين انه يراقبنا من الداخل"، كما ان الرحلة - في نظره - لا ينبغي ان تشد الى الجهات الاربع بقدر ما ينبغي ان تشد نحو وجهة واحدة هي باطن النفس الانسانية و صدق حين عبر عن ذلك قائلا "لا يوجد فرق كبير بين الشرق والغرب والجنوب والشمال. فمهما كانت وجهتك، يجب أن تجعل الرحلة التي تقوم بها رحلة في داخلك. فإذا سافرت في داخلك فسيكون بوسعك إجتياز العالم الشاسع وما وراءه".

لتحقيق ذلك الاتصال بين الأرضي و العلوي بداخلك ينبغي التحلي بالصبر الذي لا يعني في نظره " أن تتحمل المصاعب سلباً، بل يعني أن تكون بعيد النظر بحيث تثق بالنتيجة النهائية التي ستتمخض عن أي عملية. ماذا يعنى الصبر؟ أنه يعني أن تنظر إلى الشوكة وترى الوردة، أن تنظر إلى الليل وترى الفجر. أما نفاد الصبر فيعني أن تكون قصير النظر ولا تتمكن من رؤية النتيجة. إن عشاق الله لا ينفد صَّبرهم مطلقاً، لأنهم يعرفون أنه لكي يُصبح الهلال بدراً فهو يحتاج إلى وقت. لقد خلق الله المعاناة حتى تظهر السعادة من خلال نقيضها. فالأشياء تظهر من خلال أضدادها، وبما أنه لا يوجد نقيض لله فإنه يظل مخفياً"

يسعى كل منا الى الرسوخ الباطني الذي لا يعني غير ثبات النبات الإنساني في حقل الحديقة الخضراء لتتعرض الى سقيا ماء المحبة لتتفتح الزهرة الإنسانية، فترى بقلبها تجلي القانون الإلهي بداخلها كما هو متجل خارجها، و هو ما يسميه القوم فتحا إلهيا، و ليس هو غير نضج النبات و زيادة في وعي و شعور داخلي يتحقق بماء المحبة لذلك يعبر شمس التبريزي عن ذلك في قواعد العشق الاربعين قائلا: "إن السعي وراء الحبّ يغيّرنا. فما من أحد يسعى وراء الحبّ إلا وينضج أثناء رحلته. فما إن تبدأ رحلة البحث عن الحبّ، حتى تبدأ تتغيّر من الداخل ومن الخارج".

و بهذا يعرف الله، حيث ان من مبادئ الحكماء في تحقيق النضج الروحي خرق العوائد حتى لا يألف عادة و لا يركن الى دأب، و في هذا المعنى اللطيف يقعد شمس الدين التبريزي قاعدته الثمينة : لا تحاول أن تقاوم التغييرات التي تعترض سبيلك. بل دَع الحياة تعيش فيك. ولا تقلق إذا قلَبت حياتك رأساً على عقب. فكيف يمكنك أن تعرف أن الجانب الذي اعتدتَ عليه أفضل من الجانب الذى سيأتي؟

و حين اشار الحق الى نوح بان ابنه عمل غير صالح فان شمس الدين التبريزي أُلهم الى إن الله مُنهمك في إكمال صُنعك من الخارج ومن الداخل. إنه مُنهمك بك تماماً. فكُل مؤمن مهاجر الى الحق هو "عمل متواصل يتحرك ببطء لكن بثبات نحو الكمال. فكُل واحدٍ مِنا هو عبارة عن عمل فني غير مُكتمل يسعى جاهداً للإكتمال. إن الله يتعامل مع كل واحد مِنا على حِدة لأن البشرية لوحةٌ جميلة رسمها خطاطٌ ماهر تتساوى فيها جميع النقاط من حيث الأهمية لإكمال الصورة".

للكاتب

رأي.. كالعادة !

النقاش: غربلة أم نحت للحقائق؟

رأي: ضرورة التحدث حول ما لا نعرفه

وسط عالم مفرط التنافسية

هربا من دكتاتورية الانترنت

عندما تلوث الدعاية ثقافتنا

لنجعل عقولنا أكثر مرونة، نكن أكثر ابداعا

نحو بث الروح في حضارتنا المعاصرة

أن تكون مبدعا.. لا أن تكون الأول

لنضبط العقل على الموجة التي نريد

بيولوجيا الذاكرة...

د محمد غاني، كاتب –المغرب.

المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر يورونيوز

شارك هذا المقالمحادثة

مواضيع إضافية

شاهد: الفراشات الملكية تقوم برحلة الشتاء والصيف

أطباء في ألمانيا ينقذون حياة "الطفل الفراشة"

فراشة عملاقة فريدة من نوعها في إندونيسيا